[
هذه حكاية بدوية من اجمل الحكايات التي اطلعت عليها في كتب التاريخ بدوية عزيزة النفس قلما نجدها في زماننا هذا اقروا القصة ايها الاحبة وتمعنوا فيها
هي ميسون بنت بحدل الكلبية النجدية ، تزوجها معاوية ابن أبي سفيان
، وكانت ذات جمال باهر وحسن عامر ، أعجب بها معاوية رضي الله عنه ، وهيأ لها قصراً مشرفاً على الغوطة بدمشق زينه بأنواع الزخارف ووضع فيه من أواني الذهب والفضة ما لا يضاهيه ، ونقل إليه من الديباج الرومي الملون
والمواشي ما هو لائق به . ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثال الحور العين ، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت بما أعد لها من الحلي والجواهر الذي لا يوجد مثله ، ثم جلست في روشنها وحولها الوصائف فنظرت إلي الغوطة وأشجارها وسمعت تجاوب الطير في أوكارها ، وشمت نسيم الأزهار ، وروائح الرياحين والنوار فتذكرت نجداً وحنت إلي أترابها وأناسها ، وتذكرت مسقط رأسها ، فبكت وتنهدت ، فقالت لها إحدى حظاياها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهي ملك بلقيس ،
فتنفست الصعداء ثم قالت شعراً :-
لبيت تخفق الأرياح فيه أحب إلي من قــصــرمنيف
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة من كسر بيتي أحب إلي من أكل الرغــيف
وأصوات الرياح بكل فج أحب إلي من نقر الدفـــوف
وكلب ينبح الطراق دوني أحب إلي من قط ألــيـــف
وخرق من بني عمي نحيف أحب إلي من علج عـنـوف
خشونة عيشي في البدو أشهى إلى نفسي من العيش الظريف
فما أبغي سوى وطني بديلاً فحسبي ذاك من وطن شريف
فلما دخل معاوية عرفته الحظية بما قالت : وقيل إنه سمعها وهي تنشد ذلك ، فقال : ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجاً علوفاً . هي طالق مروها فلتأخذ جميع ما في القصر فهو لها ثم سيرها إلي أهلها بنجد ، وكانت حاملاً بيزيد فولدته بالبادية وأرضعته سنتين ، ثم أخذه معاوية رضي الله عنه منها بعد ذلك.