عرف الأصمعي بمهارته وتقدمه في الشعر والنحو وإلمامه بأخبار البلدان فكان كثير الطواف في البوادي فيجمع أخبارها ويقتبس علومها، ويرويها للخلفاء فيجزلوا له العطايا والهدايا، أطلق عليه هارون الرشيد لقب "شيطان الشعر" لمهارته وتميزه فيعرف أسرار اللغة ويجيد أدواتها.
قال عنه الأخفش " ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي"، ومن عشرات الحكايات التي رويت عن الأصمعي نذكر هذه الحكاية المؤلمة لعاشق يتساءل عن العشق وحال العاشق وأدى سؤاله لموته في النهاية:
يحكي الأصمعي أنه بينما كان يسير في بادية الحجاز مر بحجر كتب عليه هذا البيت
يامعشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت
يداري هواه ثم يكتم سره ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عاد في اليوم التالي إلى نفس المكان فوجد تحت البيت الذي كتبه هذا البيت
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل يوم قلبه يتقطع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت
إذ لم يجد صبراً لكتمان سره فليس له شيء سوى الموت ينفع
ولم يعرف الأصمعي ماذا سوف يحدثه بكتابة هذا البيت حيث مر في اليوم الثالث على الصخرة فوجد شاباً ملقى بجانبها وقد فارق الحياة وكتب في رقعة من الجلد هذين البيتين:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا سلامي الى من كان للوصل يمنع
هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع