أين اختفت من أيّ أفق سامي ؟ | أين اختفت عنّي و عن تهيامي ؟ |
عبثا أناديها و هل ضيّعتها | في اللّيل أم في زحمة الأيّام ؟ |
أم في رحاب الجوّ ضاعت ؟ لا : فكم | بثّيت أنسام الأصيل غرامي |
ووقفت أسأله و قلبي في يدي | يرنو إلى شفق الغروب الدامي |
و أجابني صمت الأصيل ,,, و كلّما | أقنعت وجدي ... زاد حرّ ضرامي |
*** |
و إذا ذكرت لقاءها ورحيقها | لاقيت في الذكرى خيال الجام |
و ظمئت حتّى كدت أجرع غلّتي | و أضجّ في الآلام أين حمامي |
و غرقت في الأوهام أنشد سلوة | و نسجت فردوسا من الأوهام |
*** |
و أفقت من وهمي أهيم ... وراءها | عبثا و أحلم أنّها قدّامي |
و أظنّها خلفي فأرجع خطوة | خلفي ... فتنشرها الظنون أمامي |
و أكاد ألمسها فيبعد ظلّها | عنّي ... و تدني ظلّها أحلامي |
و أعود أنصت للسكينة و الربى | و حكاية الأشجار و الأنسام |
و أحسّها في كلّ شيء صائت | و أحسّها في كلّ حيّ ... نامي |
في رقّو الأزهار في همس الشذى | في تمتمات الجدول ... المترامي |
*** |
فتّشت عنها اللّيل و هو متيّم | ألكأس في شفتيه و هو الظامي |
و الغيم يخطر كالجنائز و الدجى | فوق الربى كمشانق الإعدام |
و سألت عنها الصمت و هو قصيدة | منثورة تومي إلى النظام |
ووقفت و الأشواق ترهف مسمعا | بين الظنون كمسمع النمّام |
و النجم كأس عسجديّ ... ملؤه | خمر تحنّ إلى فم " الخيّام " |
و همست أين كؤوس إلهامي و في | شفتيّ أكواب من الإلهام |
*** |
و الريح تخبط في السهول كأنّها | حيرى تلوذ بهدأة الآكام |
و كأنّ موكبها ... قطيع ضائع | بين الذئاب يصيح : أين الحامي ؟ |
و تلاحقت قطع الظلام كأنّها | في الجوّ قافلة من الإجرام |
و تلفّت الساري إلى الساري كما | يتلفّت الأعمى إلى المتعامي |
و أنا أهيم وراءها يجتاحني | شوق وتقتاد الظنون زمامي |
و سألت ما حولي و فتّشت الرؤى | و غمست في جيب الظلام هيامي |
فتّشت عنها لم أجدها في الدنا | ورجعت و الحمّى تلوك عظامي |
*** |
و أهجت آلامي و حبّي فالتظت | و لقيتها في الحبّ و الآلام |
و تهيّأت لي في التلاقي مثلما | تتهيّأ الحسناء للرسّام |
و تبرّجت لي كالطفولة غضّة | كفم الصباح المترف البسّام |
و جميلة فوق الجمال ووصفه | و عظيمة أسمى من الإعظام |
تسمو كأجنحة الشعاع كأنّها | في الأفق أرواح بلا أجسام |
لا : لا تقل لي : سمّها فجمالها | فوق الكناية فوق كلّ أسامي |
إنّي أعيش لها و فيها إنّها | حبّي وسرّ بدايتي و ختامي |
و أحب!ها روحا نقيّا كالسنى | و أحبّها جسما من الآثام |
و أحبّها نورا و حيرة ملحد | و أحبّها صحوا و كأس مدام |
و أريدها غضبي و إنسانيّة | و شذود طفل واتّزان عصامي |
*** |
دعني أغرّد باسمها ما دام في | قدحي ثمالات من الأنغام |
فتّشت عنها و هي أدنى من منى | قلبي : و من شوقي و حرّ أوامي |
و لقيتها يا شوق أين لقيتها ؟ | عندي هنا في الحبّ و الآلام |