باب الاستغفار
اعلم ان هذا الكتاب من اهمّ الأبواب التي يعتنى بها ويحافظ على العمل به. وقصدت بتاخيره التفاؤلَ بان يختم اللّه الكريم لنا به، نساله ذلك وسائر وجوه الخير لي ولاحبائي وسائر المسلمين امين.
قال اللّه تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعَشِيّ وَالإِبْكارِ} [غافر: 55] وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَللْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ} [محمد:19] وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ انَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء:106] وقال تعالى: {لِلَّذينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ خالِدِينَ فِيها وازْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ بَصِيرٌ بالعِبادِ، الَّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنا امَنَّا فاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذَابَ النَّارِ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقانِتِينَ وَالمُنْفِقِينَ وَالمُسْتَغْفِرِينَ بالأسحَارِ} [ال عمران:15ـ17] وقال تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَانْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33] وقال تعالى: {وَالَّذينَ اذَا فَعَلُوا فاحِشَةً اوْ ظَلَمُوا انْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ، وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلاَّ اللَّهُ؟ وَلَمْ يُصِرُّوا على ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [ال عمران: 135] وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً اوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 110] وقال تعالى: {وانِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمّ تُوبُوا اِلَيْهِ..} الآية [هود:3]، وقال تعالى اخباراً عن نوح صلى اللّه عليه وسلم: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ انَّهُ كانَ غَفَّاراً} [نوح: 10] وقال تعالى حكاية عن هود صلى اللّه عليه وسلم: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا الَيْهِ..} الآية [هود:52]، والآيات في الاستغفار كثيرة معروفة، ويحصل التنبيه ببعض ما ذكرناه.
واما الأحاديث الواردة في الاستغفار فلا يمكن استقصاؤها، لكني اُشير الى اطراف من ذلك.
1/1049 روينا في صحيح مسلم، عن الأغرّ المزنيّ الصحابيّ رضي اللّه تعالى عنه:ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "انَّهُ لَيُغانُ على قَلْبِي، واني لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ في اليَوْمِ مِئَة مَرَّةٍ".(1)
2/1050 وروينا في صحيح البخاري، عن ابي هريرة رضي اللّه عنه قال:سمعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "واللّه انّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ واتُوبُ الَيهِ فِي اليَوْمِ اكثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّة".(2)(البخاري (6307) ، والترمذي (3255) "(البخاري (6307) ، والترمذي (3255) "(البخاري (6307) ، والترمذي (3255) "(البخاري (6307) ، والترمذي (3255) "(البخاري (6307) ، والترمذي (3255)"(البخاري (6307) ، والترمذي (3255)
3/1051 وروينا في صحيح البخاري ايضاً، عن شداد بن اوس رضي اللّه عنه،عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "سَيِّدُ الاسْتغْفارِ انْ يقُولَ العَبْدُ: اللَّهُمَّ انْتَ رَبّي لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ خَلَقْتَنِي وانا عَبْدُكَ، وانا على عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، اَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ مَا صَنَعْتُ، ابُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عليَّ وابُوءُ بِذَنْبي، فاغْفِرْ لي فانَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلاَّ انْتَ؛ مَنْ قَالَهَا بالنَّهارِ مُوقِناً بِها فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ انْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ اَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ موقِن بها فَمَاتَ قَبْلَ انْ يُصْبحَ فَهُوَ مِنْ اهْلِ الجَنَّةِ".(3)
قلت: ابوء بضم الباء وبعد الواو همزة ممدودة، ومعناه: اقرّ واعترف.
4/1052 وروينا في سنن ابي داود والترمذي وابن ماجه،عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما، قال: كنّا نعدُّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المجلس الواحد مِئَةَ مرّة: "ربّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ انَّكَ انْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ" قال الترمذي: حديث صحيح. (4)
5/1053 وروينا في سنن ابي داود وابن ماجه، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَمِنْ كُلّ هَمٍّ فَرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ".(5)
6/1054 وروينا في صحيح مسلم، عن ابي هريرة رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُمْ".(6)
7/1055 وروينا في سنن ابي داود، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه تعالى عنه؛ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُعجبه ان يدعوَ ثلاثاً، ويستغفرَ ثلاثاً. وقد تقدم هذا الحديث قريباً في جامع الدعوات(7)
8/1056 وروينا في كتابي ابي داود والترمذي، عن مولى لابي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما اصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَانْ عادَ في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً" قال الترمذي: ليس اسناده بالقويّ. (
9/1057 وروينا في كتاب الترمذي، عن انس رضي اللّه تعالى عنه قال:سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "قالَ اللَّهُ تَعالى: يا بْنَ ادَمَ! اَّنكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ما كانَ منْكَ وَ لا اُبالي، يا بْنَ ادَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يابْنَ ادَمَ! لَوْ اتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطايَا ثُمَّ اتَيْتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لاَتَيْتُكَ بِقُرَابِها مَغْفِرَةً" قال الترمذي: حديث حسن. (9)
قلت: عنان السماء بفتح العين: وهو السحاب، واحدتها عنانة؛ وقيل العنان: ما عنّ لك منها، اي ما اعترضَ وظهر لك اذا رفعت راسك. واما قراب الأرض فروي بضم القاف وكسرها، والضم هو المشهور، ومعناه: ما يُقارب مِلْئَها، وممّن حكى كسرها صاحب المطالع.
10/1058 وروينا في سنن ابن ماجه، باسناد جيد عن عبد اللّه بن بُسْرٍ ـ بضم الباء وبالسين المهملة ـ رضي اللّه تعالى عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ في صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفاراً كَثِيراً".(10)
11/1059 وروينا في سنن ابي داود والترمذي، عن ابن مسعود رضي اللّه تعالى عنه، قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قالَ: اسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا اِلهَ اِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ واتُوبُ اِليْهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَانْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم. (11)
قلتُ: وهذا الباب واسع جداً، واختصاره اقرب الى ضبطه، فنقتصر على هذا القدر منه.
فصل: ومما يتعلَّق بالاستغفار
ما جاء عن الرَّبيع بن خُثَيْم رضي اللّه تعالى عنه قال: لا يقلْ احدُكم: استغفر اللّه واتوب اليه فيكون ذنباً وكذباً ان لم يفعل، بل يقولُ: اللَّهمّ اغفر لي وتُبْ عليّ، وهذا الذي قاله من قوله: اللَّهمّ اغفر لي وتب عليّ حسن.
واما كراهيته استغفرُ اللّه وتسميته كذباً فلا نُوافق عليه، لان معنى استغفرُ اللّه اطلبُ مغفرتَه، وليس في هذا كذب، ويكفي في ردّه حديث ابن مسعود المذكور قبله.
وعن الفُضيل رضي اللّه تعالى عنه: استغفارٌ بلا اقلاع توبةُ الكذّابين، ويُقاربه ما جاءَ عن رابعة العدوية رضي اللّه تعالى عنها قالت: استغفارُنا يحتاجُ الى استغفار كثير.
وعن بعضِ الأعراب انه تعلَّقَ باستار الكعبة وهو يقول: اللَّهمّ ان استغفاري مع اصراري لؤم، وان تركي الاستغفارَ مع علمي بسَعَة عفوك لعجز، فكم تَتَحَبَّبُ اليّ بالنعم مع غِناكَ عني، واَتَبَغَّضُ اليك بالمعاصي مع فقري اليك، يا مَن اذا وَعدَ وَفَّى، واذا توعَّدَ تجاوز وعفا، ادخلْ عظيمَ جُرمي في عظيم عفوكَ يا ارحم الراحمين.
بابُ النّهي عن صَمْتِ يَوْمٍ الى الليل
1/1060 روينا في سنن ابي داود، باسناد حسن، عن عليّ رضي اللّه عنه، قال:حفظتُ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يُتْم(12)((لا يُتْم: بسكون التاء. يعني انه اذا احتلم لم تجر عليه احكام صغار الأيتام)) "((لا يُتْم: بسكون التاء. يعني انه اذا احتلم لم تجر عليه احكام صغار الأيتام)) "((لا يُتْم: بسكون التاء. يعني انه اذا احتلم لم تجر عليه احكام صغار الأيتام)) "((لا يُتْم: بسكون التاء. يعني انه اذا احتلم لم تجر عليه احكام صغار الأيتام)) "
عْدَ احْتِلام، وَلا صُماتَ يَوْمٍ الى اللَّيْلِ".(13)
وروينا في معالم السنن للاِمام ابي سليمان الخطابي رضي اللّه عنه قال في تفسير هذا الحديث: كان اهل الجاهلية من نُسْكهم الصُّماتُ، وكان احدُهم يعتكفُ اليومَ والليلة فيصمتُ ولا ينطق، فنُهوا: يعني في الإِسلام عن ذلك، واُمروا بالذكر والحديث بالخير.
2/1061 وروينا في صحيح البخاري، عن قيس بن ابي حازم رحمه اللّه قال:دخل ابو بكر الصديق رضي اللّه عنه على امراة من احْمَسَ يُقال لها زينب فراها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، فقال لها: تكلمي فان هذا لا يَحِلّ، هذا من عمل الجاهلية، فتكلَّمتْ. (14)
الأحاديث التي عليها مدار الاسلام
فصل: في اخر ما قصدتُه من هذا الكتاب
وقد رايتُ ان اضمَّ اليه احاديث تتمُّ محاسنُ الكتاب بها ان شاء اللّه تعالى، وهي الأحاديث التي عليها مدارُ الإِسلام (15) ، وقد اختلفَ العلماءُ فيها اختلافاً منتشراً، وقد اجتمعَ مِن تداخل اقوالهم مع ما ضممتُه اليها ثلاثون حديثاً.
1062 الحديث الأول:
حديثُ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه:"انَّمَا الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ" وقد سبق بيانَه في اول هذا الكتاب.(16)
1063 الحديث الثاني:
عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ احْدَثَ في امْرِنَا هَذَا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رويناه في صحيحي البخاري ومسلم. (17)
1064 الثالث:
عن النعمان بن بشير رضيَ اللّه عنهما قال:سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "انَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَانَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبرا لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ انْ يَرْتَعَ فِيهِ، الاَ وانَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، الاَ وَانَّ حِمَى اللَّهِ تَعالى مَحَارِمُهُ، الا وَانَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً اذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَاِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ الاَ وَهِيَ القَلْبُ" رويناه في صحيحيهما. (18)
1065 الرابع
: عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال:حدّثنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "انَّ احَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ اُمِّهِ اَرْبَعِينَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بارْبَعِ كَلِماتٍ: بِكَتْب رِزْقِهِ وَاجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٍّ اَوْ سَعِيدٍ، فَوَالَّذي لا اِلهَ غَيْرُهُ انَّ احَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اهْلِ الجَنَّةِ حتَّى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها الاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اهل النَّارِ فيدْخُلُها، وَانَّ احَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اهْلِ النَّارِ حَتَّى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وبَيْنَها اِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اهلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُها" رويناه في صحيحيهما. (19)
1066 الخامس:
عن الحسن بن عليّ رضي اللّه عنهما، قال:حَفِظتُ من رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "دَعْ ما يَرِيبُكَ الى ما لا يَرِيبُكَ" رويناه في الترمذي واننسائي، قال الترمذي: حديث صحيح. قوله يَريبك بفتح الياء وضمّها لغتان، والفتح اشهر. (20)
1067 السادس:
عن ابي هريرة رضي اللّه عنه، قال:قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ اسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ" رويناه في كتاب الترمذي وابن ماجه، وهو حسن.
1068 السابع:
عن انس رضي اللّه عنه،عن النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا يُؤْمِنُ احَدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لاخِيهِ ما يُحبُّ لِنَفْسِهِ" رويناه في صحيحيهما. (21)
1069 الثامن: عن ابي هريرة رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "انَّ اللَّهَ تَعالى طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ اِلاَّ طَيِّباً، وَانَّ اللَّهَ تَعالى امَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا امَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقالَ تَعالى: {يا ايُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً انِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] وَقالَ تعالى: {يا ايُّها الَّذِينَ امَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ اشْعث اغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ الى السَّماءِ: يا رَبّ يا رَبّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِي بالحَرَامِ، فانّى يُسْتَجابُ لِذَلِكَ؟" رويناه في صحيح مسلم. (22)
1070 التاسع:
حديث "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ" رويناه في الموطا مرسلاً، وفي سنن الدارقطنيّ وغيره من طرق متصلاً، وهو حسن. (23)
1071 العاشر:
عن تميم الداري رضي اللّه عنه:ان النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "الدّين النَّصِيحَةُ، قلنا: لمن؟ قال: لِلَّهِ، وَلِكِتابِهِ، وَلِرسُولهِ، ولاَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِم" رويناه في مسلم. (24)
1072 الحادي عشر: عن ابي هريرة رضي اللّه عنه؛انه سمعَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فاجْتَنِبُوهُ، وَما امَرْتُكُمْ بِهِ فافْعَلُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ فانَّما اهْلَكَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسائِلِهِمْ وَاخْتِلافهُمْ على انْبِيائِهِمْ" رويناه في صحيحيهما. (25)
1073 الثاني عشر:
عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه قال:جاءَ رجلٌ الى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه! دُلّني على عمل اذا عملتُه احبّني اللّه واحبّني الناس؟ فقال: "ازْهَدْ في الدُّنْيا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ" حديث حسن رويناه في كتاب ابن ماجه. (26)
1074 الثالث عشر:
عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلمٍ يَشْهَدُ انْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وانِّي رَسولُ اللّه اِلاَّ باحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ المُفَارِقِ للجَمَاعَةِ" رويناه في صحيحيهما.
(27)
1075 الرابع عشر:
عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "اُمِرْتُ انْ اُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا انْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَانَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاة، فاذَا فَعَلُوا ذلكَ عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ وَامْوَالَهمْ اِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسابُهُمْ على اللّه تعالى" رويناه في صحيحيهما. (28)
1076 الخامس عشر:
عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال:قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ على خَمْسٍ: شَهادَةِ ان لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ، وانَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَاقامِ الصَّلاةِ، وَايتاءِ الزَّكاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ" رويناه في صحيحيهما. (29)
1077 السادس عشر:
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى رجالٌ امْوَالَ قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي وَاليَمِينُ على مَنْ انْكَرَ" هو حسن بهذا اللفظ، وبعضه في الصحيحين. (30)
1078 السابع عشر:
عن وَابِصَةَ بن معبد رضي اللّه عنه؛انه اتى رسولَ اللّه صلى اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "جِئْتَ تَسالُ عَنِ البِرّ وَالإِثْمِ؟ قال: نعم، فقال: اسْتَفْتِ قَلْبَكَ: البِرُّ ما اطْمانَّت اِلَيْهِ النَّفْس وَاطْمانَّ اِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإِثْمُ ما حاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وَانْ افْتاكَ النَّاسُ وَافْتَوْكَ" حديث حسن رويناه في مسندَيْ احمد والدارمي وغيرهما.
وفي صحيح مسلم، عن النواس بن سمعانَ رضي اللّه عنه،عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "البرّ: حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ انْ يَطّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ".(31)
1079 الثامن عشر:
عن شَدَّادِ بن اوسٍ رضي اللّه عنه،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "انَّ اللَّهَ تَعالى كَتَبَ الإِحْسانَ على كُلِّ شَيْءٍ، فاذَا قَتَلْتُمْ فاحْسِنُوا القِتْلَةَ وَاِذَا ذَبَحْتُمْ فاحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ احَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" رويناه في مسلم، والقِتلة بكسر اولها. (32)
1080 التاسع عشر:
عن ابي هريرةَ رضي اللّه عنه،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" رويناه في صحيحيهما(33)
1081 العشرون:
عن ابي هريرة رضي اللّه عنه؛ان رجلاً قالَ للنبي صلى اللّه عليه وسلم: اوصني قال: "لا تَغْضَبْ" فردّد مِراراً، قال: "لا تَغْضَبْ" رويناه في البخاري.(34)
1082 الحادي والعشرون:
عن ابي ثعلبة الخُشنيِّ رضي اللّه عنه،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "انَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وَحَدَّ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوها، وَحَرَّمَ اشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسَكَتَ عَنْ اشْياءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْها" رويناه في سنن الدارقطني باسناد حسن. (35)
1083 الثاني والعشرون:
عن معاذٍ رضي اللّه عنه قال:قلت: يا رسول اللّه! اخبرني بعمل يُدخلُني الجنةَ ويُباعدني من النار؟ قال: "لَقَدْ سالْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَانَّهُ لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ؛ تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْركُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكّاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ، ثم قال: الا اَدُلُّكَ على ابْوَابِ الخَيْرِ؟" الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيئَةَ كما يُطْفىءُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ، ثم تلا {تَتَجافَى جُنُوبُهُمْ عَن المَضَاجِع} حتى بلغ" {يَعْمَلُونَ} [السجدة:16ـ17] ثم قال: الا اُخْبِرُكَ بِراْس الأمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سنَامِهِ؟ قلتُ: بَلَى يا رسولَ اللَّهِ! قالَ: راسُ الأمر الإِسلامُ، وعمودهُ الصلاةُ، وذِرْوَةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثم قال: الا اُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذلكَ كُلِّهِ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! فاخذ بلسانه، ثم قال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فقلتُ: يا نبيّ اللّه! وانّا لمؤاخَذُونَ بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ، اوْ على مَناخِرهِم الاَّ حَصَائِدُ الْسِنَتِهِمْ؟" رويناه في الترمذي وقال: حسن صحيح. (36)
وذِروة السنام: اعلاه، وهي بكسر الذال وضمّها. وملاك الأمر بكسر الميم: اي مقصوده.
1084 الثالث والعشرون:
عن ابي ذرّ ومعاذ رضي اللّه عنهماعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ، واتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَة تَمْحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ" رويناه في الترمذي وقال: حسن، وفي بعض نسخه المعتمدة: حسن صحيح. (37)
1085 الرابع والعشرون:
عن العِرباضِ بن ساريةَ رضي اللّه عنه، قال:وَعَظَنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم موعظةً وَجِلت منها القلوب، وذرفتْ منها العيون، فقلنا: يا رسولَ اللّه! كانها موعظةُ مُودّع فاوصنا، قال: "اُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَانْ تامَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، وَانَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَليْكُم بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْها بالنَّواجِذِ، وَايَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فانَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ" رويناه في سنن ابي داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. (38)
1086 الخامس والعشرون:
عن ابي مسعود البدريّ رضي اللّه عنه قال:قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "انَّ مِمَّا ادْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: اذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ" رويناه في البخاري. (39)
1087 السادس والعشرون:
عن جابر رضي اللّه عنه:ان رجلاً سالَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: ارايتَ اذا صَلَّيْتُ المكتوبات، وصمتُ رمضانَ، واحللتُ الحلالَ، وحرّمتُ الحرامَ، ولم ازدْ على ذلك شيئاً؛ ادخلُ الجنة؟ قال: "نَعَمْ" رويناه في مسلم. (40)
1088 السابع والعشرون:
عن سفيانَ بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال:قلت: يا رسول اللّه! قل لي في الإِسلام قولاً لا اسالُ عنه احداً غيرك، قال: "قُلْ امَنْتُ باللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" رويناه في مسلم.
قال العلماءُ: هذا الحديث من جوامع كلمه صلى اللّه عليه وسلم، وهو مطابق لقول اللّه تعالى: {انَّ الَّذينَ قالُوا: رَبُّنا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [فصّلت:30] قال جمهور العلماء: معنى الآية والحديث: امنوا والتزموا طاعةَ اللّه.(41)
1089 الثامن والعشرون
: حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في سؤال جبريل النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم عن الإِيمان والإِسلام والإِحسان والساعة، وهو مشهور في صحيح مسلم وغيره. (42)
1090 التاسع والعشرون:
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:"كنتُ خَلْفَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يوماً فقال: "يا غُلامُ! اني اُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ، اذَا سَالْتَ فاسالِ اللَّهَ، وَاِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ؛ وَاعْلَمْ انَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على انْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ اِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَاِنِ اجْتَمَعُوا على انْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ اِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" رويناه في الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح؛ وفي رواية غير الترمذي زيادة "احْفَظِ اللَّهَ تَجدْهُ امامَكَ، تَعَرَّفْ الى اللّه في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ انَّ ما اخْطاكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا اصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ" وفي اخره "وَاعْلَمْ انَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وانَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وانَّ مَعَ العُسْرِ يُسراً" هذا حديث عظيم الموقع. (43)
1091 الثلاثون:
وبه اختتامها واختتام الكتاب، فنذكره باسناد مستطرف، ونسال اللّه الكريم خاتمة الخير، اخبرنا شيخنا الحافظ ابو البقاء خالد بن يوسف النابلسيّ ثم الدمشقي رحمه اللّه تعالى، قال: اخبرنا ابو طالب عبد اللّه وابو منصور يُونس وابو القاسم حسين بن هبة اللّه بن مصري وابو يَعلى حمزة وابو الطاهر اسماعيل، قالوا: اخبرنا الحافظ ابو القاسم عليّ بن الحسين ـ هو ابن عساكر ـ قال: اخبرنا الشريفُ ابو القاسم عليّ بن ابراهيم بن العباس الحسيني خطيب دمشق، قال: اخبرنا ابو عبد اللّه محمد بن علي بن يحيى بن سلوان، قال: اخبرنا ابو القاسم الفضل بن جعفر، قال: اخبرنا ابو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج الهاشميّ قال: اخبرنا ابو مسهر قال: اخبرنا سعيدُ بن عبد العزيز عن ربيعةَ بن يزيدَ عن ابي ادريسَ الخولاني، عن ابي ذرّ رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، عن جبريلَ صلى اللّه عليه وسلم، عن اللّه تبارك وتعالى انه قال: "يا عِبادي! اني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلا تَظَّالَمُوا؛ يا عِبادي! اِنَّكُمُ الَّذينَ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وانا الَّذي اغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلا اُبالي، فاسْتَغْفِرُوني اغْفِرْ لَكُمْ؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ جائعٌ الاَّ مَنْ اطْعَمْتُهُ فاسْتَطْعِمُونِي اُطْعِمْكُمْ؛ يا عبادي! كُلُّكُمْ عارٍ اِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي اكْسِكُمْ؛ يا عِبادي! لَوْ انَّ اوَّلَكُمْ واخِرَكُمْ وَانْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا على افْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْ ذلكَ منْ مُلْكِي شَيْئاً؛ يا عِبادي! لَوْ انَّ اوَّلَكُمْ واخِرَكُمْ وَانْسَكُمْ وَجِنَّكُـِمْ كانُوا على اتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذلكَ في مُلْكي شَيْئاً؛ يا عِبادِي! لَوْ انَّ اوَّلَكُمْ واخِرَكُمْ وَانْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا في صَعيدٍ وَاحدٍ فَسالُونِي فاعْطَيْتُ كُلَّ انْسانٍ مِنْهُمْ ما سالَ لَمْ يَنْقُصْ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً اِلاَّ كما يَنْقُصُ البَحْرُ انْ يُغْمَسَ المِخْيَطُ فِيه غَمْسةً وَاحدَةً؛ يا عِبادي! انَّما هِيَ اعْمالُكُمْ احْفَظُها عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ اِلاَّ نَفْسَهُ".(44)
قال ابو مسهر: قال سعيدُ بن عبد العزيز: كان ابو ادريس اذا حدّثَ بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
هذا حديث صحيح، رويناه في صحيح مسلم وغيره، ورجال اسناده مني الى ابي ذرّ رضي اللّه عنه كلُّهم دمشقيون، ودخل ابو ذرّ رضي اللّه عنه دمشق، فاجتمع في هذا الحديث جمل من الفوائد: منها صحة اسناده وَمَتنه، وعلوّه وتسلسله بالدمشقيين رضي اللّه عنهم وبارك فيهم، ومنها ما اشتمل عليه من البيان لقواعد عظيمة في اصول الدين وفروعه والآداب ولطائف القلوب وغيرها، وللّه الحمد.
روينا عن الإِمام ابي عبد اللّه احمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى ورضي عنه قال: ليس لاهل الشام حديث اشرف من هذا الحديث.
خاتمة
هذا اخرُ ما قصدتُه من هذا الكتاب، وقد مَنّ اللّه الكريمُ فيه بما هو اهلٌ له من الفوائد النفيسة والدقائق اللطيفة من انواع العلوم ومهماتها، ومُستجادَاتِ الحقائق ومَطلُوبَاتِها. ومن تفسير اياتٍ من القران العزيز وبيانِ المراد بها، والأحاديث الصحيحة وايضاح مقاصدها، وبيان نُكَتٍ من علوم الأسانيد ودقائقِ الفقه ومعاملاتِ القلوب وغيرها، واللّه المحمودُ على ذلك وغيره من نعمه التي لا تُحصى، وله المِنّة ان هداني لذلك، ووفّقني لجمعه ويَسَّرَه عليّ، واعانني عليه وَمَنّ علي باتمامه؛ فله السحمدُ والامتنانُ والفضلُ والطَّوْلُ والشكرانُ. وانا راجٍ من فضل اللّه تعالى دعوة اخٍ صالح انتفعُ بها تقرّبني الى اللّه الكريم، وانتفاع مسلمٍ راغب في الخير ببعض ما فيه اكون مساعداً له على العمل بمرضاة ربّنا.
واستودعُ اللّه الكريمَ اللطيفَ الرحيمَ منّي ومن والديّ، وجميعِ احبابنا واخواننا ومَنْ احسنَ الينا وسائرِ المسلمين: اديانَنا واماناتِنا وخواتِيمَ اعمالنا، وجميعَ ما انعمَ اللَّهُ تَعالى به علينا، واسالُه سبحانه لنا اجمعين سلوكَ سبيل الرشاد والعِصْمة من احوال اهل الزَّيْغ والعِناد، والدَّوامَ على ذلك وغيره من الخير في ازدياد، واتضرّعُ اليه سبحانه ان يرزقنا التوفيقَ في الأقوال والأفعال للصواب، والجريَ على اثار ذوي البصائر والألباب، انه الكريم الواسعُ الوهَّاب، وما توفيقي الا باللّه عليه توكلتُ واليه متاب،، حسبنا اللّه ونِعمَ الوكيل، ولا حولَ ولا قوّة الا باللّه العزيز الحكيم.
والحمدُ للّه ربّ العالمين اوّلاً واخراً وظاهراً وباطناً، وصلواتُه وسلامُه الأطيبان الأتمّان الأكملان على سيدنا محمد خير خلقه اجمعين، كلما ذكره الذاكرون، وغَفَل عن ذكره الغافلون، وعلى سائر النبيّينَ وال كل وسائر الصالحين.
قال جامعه ابو زكريا محي الدين _ عفا الله عنه: فرغت من جمعه في المحرم سنة سبع وستين وستمائة, سوى احرف الحقتها بعد ذلك واجزت روايته لجميع المسلمين.