كلنا يعلم أن الحجابَ فرضٌ من الله تعالى، ولكن...ما معنى (حجاب)؟ ماذا حجب، أو ماذا يجب أن يحجب؟ وما المقصود من ورائه؟ وهل ما تلبسه بعض المسلمات اليوم يُعَدُّ حجاباً شرعياً أم شيئاً آخر؟. هذه الأسئلة وغيرها ربما ستعين المرأة المسلمة لمعرفة ما إذا كان ما ترتديه هو حجابٌ شرعيٌ أم لا.
ترتدي بعض المسلمات اليوم أزياءً عجيبةً وغريبةً، وأحياناً سخيفة، بل وفاضحة أيضاً، فمنهن مَن تلبس المزركشات والألوان الملفتة للنظر، ومنهن مَن تُعنى بتناسقٍ شديدٍ في الألوان وبشكل ملفتٍ للأنظار، ومنهن مَن تغطي شعرها وجلدها ثم تزعُمُ أنها محجبةٌ!! ولستُ أدري ماذا حجبت وهي تلبس الضيق الذي يَصِفُ حجم أعضائها، ويُبْرز مفاتنها وزينتها..ولا حول ولا قـوة إلا بالله!! فهل يُعَدُّ هذا حجاباً، أم تقليداً وولوعاً بالموضة الغربية؟...
جُلُّ مَنْ قَلَّدَ الفِرِنْجَةَ مِنّـــا *** قد أساء التقلــيـد والتمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم ولم نَقْـ *** بَس مِن الطيبات إلا قليـــلا
وأما عن أغطية الرأس وما ابتُدِعَ فيها، وعن الأحذية ذات الأصوات العالية والمزعجة، فحدِّث ولا حرج. والأحذية ذات الكعب العالي عدا عن أنها تلفت أنظار الرجال، وتعرض المرأة للسقوط أحياناً، قد أثبت الطب أضرارها على القدمين والساقين والعمود الفقري.
نوع آخر من لباس النساء لابد أن يخضع هو أيضاً للدراسة، وهو الجلباب، فهل كل الجلابيب الموجودة الآن في الأسواق تُعَدُّ لباساً شرعياً، أم أن بعضاً منها لا تنطبق عليه المواصفات فلا يُعد بالتالي حجاباً شرعياً؟.
ذُكر في كتب الفقه مواصفات الحجاب الشرعي للنساء، وهي: أن يكون طويلاً واسعاً فضفاضاً، يغطي جميع البدن، لا يَصِف ولا يشف، وألا يكون زينةً في حد ذاته، وألا يكون ثيابَ شهرة، وألا يكون فيه تشبه بالكافرات، واختُلف في تغطية الوجه والكفين. فكل لباس يتصف بهذه المواصفات يُعد حجاباً شرعياً، وكل لباس لا يتصف بهذه المواصفات لا يُعد حجاباً شرعياً. فاللباس الذي يصف حجم أعضاء المرأة، ويُظهر زينَتها ومفاتنها، ويزيد المرأة جمالاً وبهاءً، ويلفت أنظار الرجال إليها، لا يعد حجاباً شرعياً، والمرأة بهذا اللباس لم تُعِن الرجال على أن يغضوا من أبصارهم، بل فتنتهم، بل قد تتعرض هي نفسها بلباسها هذا للأذى والضرر من أهل الريبة والفسوق. يقول تعالى: ﴿ يـٰأيها النبي ُّقُلْ لأزواجِك وبناتِك ونساءِ المؤمنين يُدْنينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلـٰبيبِهِنَّ ذلك أَدْنى أَنْ يُعْرَفـْنَ فلا يُؤْذَيــْن وكان الله ُغفورًا رحيمًا﴾..{الأحزاب:59}.
يقـول الإمام الآلوسي: ((ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها، ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك، ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة، وقد عمت البلوى بذلك...)). هذا في زمان الإمام الآلوسي، فماذا تراه يقول عن نساء زماننا!!.
أما مَن لا ترتدي الحجاب أصلاً من المسلمات، فأقول لها: إن هنالك نساء مسلمات يخرجن في مظاهرات واعتصامات، ويرفعن الشعارات لأنهن مُنِعْنَ من ارتداء الحجاب، أما أنتِ فتختارين التبرج بكامل حريتك!!..مفارقة عجيبة!! فلتعلمي أيتها المسلمة أن عزتك وكرامتكِ لن تكون إلا بحجابك، وبطاعتك أمر ربك، ثم ليقل الناس ما يقولون...
فليقولوا عن حجابـي *** لا وربي لن أُبالـي
قد حماني فيه دينـي *** وحباني بالجــلالِ
زينتي دوماً حيائـي *** واحتشامي هو مالي
أَلأَنّي أتولّــــى *** عن متاعٍ لـــزوالِ
كم لمحتُ اللّومَ منهم *** في حديثٍ أو سـؤال
هذا يقودنا للحديث عن لباس المرأة المسلمة أمام النساء، وأمام محارمها، فقد تعددت أقوال الفقهاء في حدود عـورة المـرأة أمام المـرأة، وعورتها أمام محارمها. ولكن لو أخذنا بالرأي الذي يقول بأن عورة المرأة أمام المرأة هي من السرة إلى الركبة، فهل يعني هذا أن تتساهل المرأةُ في كشف باقي جسمها؟ فأين الحياء إذاً، وأين الأدب، وأين الذوق والمروءة؟ وكذلك الحديث في لباسها أمام محارمها، فكلما كانت المسلمة أكثرَ حياءً وحشمةً وتستُّراً، كلما كان أفضل لها وللرجال مِن حولها، وكلما كان أزكى وأطهر للقلوب والخطرات.
فاتقي الله أختي المسلمة في حجابك، واتقي الله في لباسك أمام النساء والمحارم، واتقي الله في الرجال من حولك، وأعينيهم على أن يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ويضبطوا غرائزهم وشهواتهم، ولا تكوني مفتاح باب الفاحشة والرذيلة، ولكن كوني مفتاح باب الطهر والفضيلة، فهذا خيرٌ لك في دينك ودنياك، وخيرٌ للأمم والمجتمعات.
جعلنا الله ممن يقرأ ويسمع فيعي، ويعلم فيعمل...
من موقع منارات الاسرة