الكاتب الأستاذ/عبدالرحمن بجَّاش
{ صالح عبدالجبار سعيد عقلان القدسي، اسمٌ لجندي خَدَم الوطن في أبين.
بعد أن ينهي دوامه يمتطي درّاجته النارية ويذهب لطلب الرزق، استأجره مسلّح - حسب الخبر - إلى منطقة العمودية في قرية سحار، وقتله.
لم يفكر الجندي الطيب الباحث عن رزقه أن هذا الراكب يمكن أن يقتله، أولاً هو لا يعرفه، وليس بينهما ما يؤدي إلى قتل، وليس هناك ما يخيفه حتى يسأله : لِمَ أنت مسلح؟ وإلى أين أذهب بك؟
فقط نظر إليه على أنه رزق كما هم الركَّاب الآخرون، ولم يفكر أو يسمح لنفسه مجرد التفكير أن هذا الراكب قاتل وسينتزع منه حياته.
ذهب به بأمان اللَّه إلى حيث طلب، فقتله.
أي بشاعة وأي جرم هذا؟ أن يقتلك إنسان لا تعرفه، لا يعرفك، وليس هذا شرطاً لأن يقتلك أو لا، إذ ليس بينكما شيء.
غصة تكاد تفتك بي، وتشعل النار في روحي على ما حصل، إذ ما ذنب هذا الذي يبحث عن رزقه وأهله، فينتشر في الأرض بأمان اللَّه ليأتي أحدهم لينتزع منه حياته بدون ذنب ارتكبه.
كنت - ربما - سأجد عذراً لو أنه - مثلاً - وهو في الخدمة، سأقول إن هؤلاء لهم موقف من الحكومة، خارجون على القانون، ارتكب أحدهم جريمة وعلى الحكومة معاقبته شرعاً وقانوناً، برغم أن القتل لا يقر لا ديناً ولا خُلقاً، لأننا لسنا في حالة حرب، ولسنا أطرافاً حتى نبرر أن الدم يجر الدم.
ذلك الذي قتل إذا كان ضحية للشحن الذي يمارس من قبل «الحراك»، فليذهب الحراك وتحريضه ضد مواطنين إلى الجحيم، وإن كانت القاعدة فلتذهب إلى الجحيم هي الأخرى، وإن كان مجرماً عادياً هو القاتل فليخضعهم القانون أمامه جميعاً، ويقول القاضي ما يقوله شرعاً وقانوناً.
ما ذنب صالح عبدالجبار أن ترك قريته «المكّيشة» وذهب يبحث عن رزقه وأسرته وأولاده إن كان قد تزوج أو ذهب ليجمع تكاليف عرسه وبناء حياته الجديدة؟ ما ذنبه؟ بأي ذنب يقتله ذلك الذي لا أخلاق له ولا عُرف له ولا دين، وليعلم هؤلاء الذين يصدرون المشاريع تلو المشاريع بدول جديدة وأعلام جديدة على الورق ويختارون أناشيدهم، ليعلموا أنه إذا كان الهدف من قتل شاب مسكين آمن يبحث عن رزقه، سيؤدي إلى انفصال يتمنّونه، هم واهمون واهمون، لأننا ببساطة سنحارب من أجل الوحدة، لن نقاتل - فقط - بل سنحارب من أجل وجودنا ومستقبل أطفالنا، فاليمن الذي سنحارب من أجله يستحق هذا، ويستحق أن نقدم حياتنا ثمناً من أجله.
إن التحريض على أن هذا شمالي وذاك جنوبي عمل خسيس، بل وجبان، لأن وقوده - هذا لأصحاب المشاريع الصغيرة، كمشروع العطَّاس أو البيض أو غيرهما - البسطاء من الناس، فإذا كان في عقولهم بقايا من عقل أن يشتغلوا - كما يقول أشقاؤنا المصريون - على كبير، أي أن يواجهوا برجولة إذا كان ثمة رأي لهم أو مطلب وتحت سقف اليمن، أما أن يتسللوا تحت سقف دماء أمثال هذا الشاب فهو عمل الجبناء ليس إلا.
وإذا كانت القاعدة هي مَنْ قتلت هذا البريء وتظن أنها ستدخل الجنة والثمن دمه، فأقول إنكم عدميون إلى العظم، وبالعكس، ستنالون لعنة الناس إلى أبد الآبدين، وفي الأول والأخير أنتم لا مشروع لكم ولا يدري المرء ماذا تريدون.
الآن على الحكومة ألا تدع هذا الحادث الحقير يمر مرور الكرام، فبحق الشرع وبحق القانون، ولكي لا تهدر الهيبة العامة أكثر مما هي مهدورة، ويكفي ما حصل لصاحب دكان «الحلويات» الذي لا يزال قاتله طليقاً إلى اليوم، باسم الناس، باسم مستقبل الأطفال، نطلب من الحكومة أن تأتي بهذا القاتل إلى القضاء ليقول فيه كلمته، وإن تخاذلت لحسابات ما، هي تراها مبررة فنقول عليها وعلينا السلام، وَلِمَنْ قتل هذا الشاب الذي لا ذنب له حتى إذا هو جندي، فهو جندي في أمن أو جيش اليمن، وليس في أمن وجيش دولة معادية، ولأيٍّ كان مثله القاتل أقول له وَلِمَنْ حرّضه مباشرة أو بالتحريض العام أن يذهب هو وأصحابه، سواءً كانوا حراكاً أم قاعدة أم أصحاب مشاريع صغيرة لا علاقة لليمن بها، اذهبوا إلى الجحيم.
} } } }
شكراً للجيّد
{ العقيد أحمد الجيّد، مدير مباحث محافظة الحديدة، عرف كيف هي الشرطة وجه آخر للعلاقة الطبيعية بين الناس وبين أجهزتها، فبزيارته لطرف مكلوم في قضية جنائية أعطى الدليل أن الشرطة تمثل القانون والمجتمع، وليست طرفاً خصيماً للناس.
شكراً للعقيد الجيّد.
رابط المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]