| ثَانِيَ اثْنَيْنِ | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: ثَانِيَ اثْنَيْنِ الجمعة ديسمبر 09, 2011 6:14 am | |
| الجهــاد فى النيَّـة
قال رسول الله لنا ولمن بعدنا وللمسلمين أجمعين{ لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ ولكنْ جِهادٌ ونيَّة[1]بعد فتح مكة وكان فى سنة ثمان من الهجرة النبوية لم يعد هناك هجرة مكانية وإنما أصبحت الهجرة كلها فى النيَّة فبيَّن النبى لأمته فضل النية وأنها روح كل الأعمال التى يتوجه بها المرء إلى رب البرية فالأعمال كالأجسام الجسم ظاهره الأعضاء وروحه التى تحركه وتسيره هى الروح التى نفخها فيه الحى القيوم كذلك أعمال العباد نحو رب العباد ظاهرها أوامر الشرع التى أمرنا بها الله وكلفنا بها فى كتابه أو على لسان حبيبه ومصطفاه وباطن الأعمال الذى لا حياة لها إلا به هو النية فالنية روح الأعمال ولذا قال الحبيب{إنَّمَا الأعمَالُ بالنِّيَّات وَإِنَّمَا لكل امرىء ما نَوَى فَمنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله وَرَسُولِهِ فَهَجْرَتُهُ إلى الله وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أو امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ}[2]فالعمل بالظاهر امتثال لأمر الشارع الأعظم واقتداء بالحبيب لكن ثوابه وأجره وفتحه وقبوله كل ذلك يتوقف على نية العامل فيه إن كان يريد به رضاء الناس والسمعة والشهرة عند الخلق كان عمله رياءاً فالرياء هو العمل من أجل الخلق أى لا يقصد به إلا الخلق لا نية فيه من قريب أو بعيد للحق كل همه وبغيته فيه العمل الخلق وفي مثله يقول النبى{مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ ومَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ}[3]والحديث بيان لقول الله جل فى علاه{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً}وشرط قبوله{وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}أى لا يجعل فى نيته عند توجهه للعمل أو قيامه به رغبة فى السمعة عند الخلق أو اكتساب المحمدة أو التفاخر أو التظاهر أو حتى الإعجاب بنفسه لأنه يعمل هذا العمل دون غيره لأن هذا فى نظر الله وفى كتابه شرك لا يُقبل العمل به وقد قال فيه النبى : يقول الله تعالى فى حديثه القدسى{ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ . مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ }[4]كل من عمل عملاً أشرك فيه مع الله فى الوجهة والقصد الخلق أو النفس أو السمعة أو حب الظهور فإنه بذلك حُرم القبول فى هذا العمل لأنه لم يأتى بالمواصفات الربانية التى اشترطها رب البرية لقبول الأعمال من حميع البرية وهى الإخلاص، والإخلاص يعنى أن يطلب بالعمل وجه الله{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}وهذا العمل قد يظن البعض أنه فى العبادات وهل هناك للمؤمن عمل ليس داخل فى باب العبادات؟إن المؤمن لو أخلص لله القصد والنية كانت حركاته وسكناته كلها بالكلية عبادة وطاعة لرب البرية حتى تناول الطعام وحتى نكاح زوجته وحتى مداعبة أولاده وحتى تخفيف الحزن عن مصاب وعيادة المريض كل عمل يستطيع الإنسان أن يجعله عملاً صالحاً متقبلاً عند الله إذا سبقه بنية خالصة، بأن يبغى بهذا العمل وجه الله والدار الآخرة ثم بعد ذلك يبغى إرضاء الخلق لا بأس المهم أن ينوى أولاً وجه الله والدار الآخرة فلو عملت عملاً أبغى به وجه الله - وكنت قدوة فى مكانى - وعملت هذا العمل أمام غيرى ليقتدوا بى كان لى أجرين فهناك فرق بين ذلك وبين الرياء فالرياء هو الذى لا يقصد صاحبه من وراء العمل إلا الخلق كأن يصلى ليقولوا عليه رجل صالح وإذا لم يروه ربما لا يُصلى ولذلك وضع الأئمة الكرام ميزاناً للأُمة فى هذا المقام فقالوا: من عمل العمل فى الظاهر أمام الخلق، وإذا عمله فى الخفاء لا يزيد عن ذلك أى أن عمله أمام الخلق كعمله بمفرده أمام الحق، فهذا هو الإخلاص أما إذا كان يعمل العمل أمام الحق، وإذا رآه الخلق زاد فى تحسينه وزاد فى تهيئة نفسه، فهذا داخله نوع من الرياء - ليس كله رياء - ولابد أن ينزه نفسه عنه، أو إذا عمل العمل ورآه الناس تشجع واستمر فيه، وإذا عمله بمفرده لم يواصل وانقطع فهذا فيه شبهة رياء لأنه يقصد بالعمل وجه الله لكن الأتم والأكمل والأفضل أن يعمل العمل يبغى به وجه الله سواء عمله أمام الحق فقط أو أمام الحق والخلق، فإنه لا يبغى فى كلتا الحالتين إلا ابتغاء وجه مولاه جل فى علاه وهذا ملحظ دقيق يلاحظه الصالحون فى كل زمان أو مكان ليُخلصوا الأعمال لله فإن الله ضرب مثلاً للعمل الخالص وقال فيه مُشبهاً له{مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ}يصنع الله اللبن الذى نشربه من بين الروث الموجود فى كرش الحيوانات والدم الذى يجرى فى عروقها، لو وجدت فى اللبن قليلاً من الدم لا تستطيع أن تشربه ولا تستسيغه ولو وجدت فيه ولو قليلاً جداً من الروث لا تستطيع أن تشربه ولا أن تبلعه، ولكن الله خلَّصه من ذلك وذلك، مع أنه خرج من بينهما ليعرفنا كيفية الإخلاص لرب البرية وأشار فى ذلك الصالحون إشارة عالية فى هذا المعنى القرآنى - وإن كان المعنى الظاهرى لا نهمله بل نقره ونعترف به – فقالوا: الدم إشارة إلى النفس يجرى من ابن آدم مجرى الدم والفرث إشارة إلى الجسم لأنه يتغذى من هذه الأشياء التى تخرجها بطن الأرض، فإذا كان العمل يتلذذ به الجسم، ويظهر به ويحصل صاحبه على الإعجاب بسببه، فهذا العمل ليس خالصاً لله فالعمل بالجسم يراه الخلق، وإذا كان العمل ليراه الخلق ففيه شبهة، وإذا كان العمل لتَطَلُع فى النفس كحب الشهرة وحب السمعة أو الإعجاب بالنفس أو حب المدح أو حب الثناء كان أيضاً عملاً فيه شائبة رياء ولكى يكون العمل خالصاً لله ينبغى ألا يكون فيه حظ لا للنفس ولا للجسم، بل يكون الإنسان يبغى به وجه الله والذى يتمتع به القلب الصافى الخالى من النزغات والنزعات، الذى يتوجه به صاحبه إلى مولاه جل فى علاه فهجرة المؤمن الدائمة فى كل لمحة وفى كل طرفة إلى الله، لأنه فى كل لمحة أو طرفة يتوجه بجارحة من جوارحه إلى حضرة الله بعمل إما عمل يخرج من اللسان وإما عمل تفعله العين وإما خطاب تستنصت وتستمع إليه الأذن وإما عمل باليد وإما عمل بالقدم وإما عمل بالفرج وكل هذه الأعمال يستطيع المؤمن أن ينال بها رضاء الواحد المتعال إذا سبقها بنية صادقة صالحة فى هذا العمل يبتغى بها رضاء الله ثم يتممها على نهج الحبيب نية ثم اقتداء بخير البرية بهذا ينال العبد الأمنية وقد قال الله له قل لهم{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }فحياته كلها لله بل موته كله لله كلمة الموت تعنى النوم لأنه إذا نام فإنما يستعين بالنوم على القيام لطاعة من لا تأخذه سِنة ولا نوم فيكون نومه أيضاً لله لأنه ينام رغبة فى القيام بعد ذلك بنشاط فى طاعة الله ولذلك كان النبى يقول{إنَّ عَيْنَيَّ تَنامانِ وَقَلْبي لا يَنامُ}[5]إذا كان العمل لله لا يستطيع أجره ولا نوره ولا ثوابه غير الله حتى الملائكة المقربين لا اطلاع لهم على ذلك، والدليل أن الإنسان عندما يصوم ولا يعلم حقيقة الصيام إلا الله الذى لا تخفى عليه خافية، يقول فيه الله جل فى علاه{ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ }[6]أى أنا الذى أضع جزاءه وثوابه لأنه لا يستطيع وضع ذلك الثواب غيرى، حتى الملائكة لا يعرفون ذلك أو إن شئت قلت أن معنى(وَأَنَا أَجْزِى بِهِ)أنا ورؤية وجهى ومشاهدة جمالى وجلالى وكمالى هو جزاء الصائمين وهذا فى قول النبى{ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ }[7]فهذا أجر لا يستطيع أحد نعته ولا وصفه لأنها خصوصية من الله لصاحب هذا المقام وكل أعمال المُخلِصين والمُخلَصين وورد فى الأثر(أن الإخلاص سر من أسرارى أستودعه قلب من أحب من عبادى لا يطلع عليه شيطان فيفسده ولا ملك فيكتبه[8]لأن المَلك لا اطلاع له على القلوب وإنما يرى الأعمال ويسجلها كما يراها فى الظاهر أما الباطن فلا يعلمه إلا من يقول للشئ كن فيكون{فَمَنْ كانتْ هِجْرَتُه إِلى دُنْيَا يُصِيبُها أَوْ إِلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها – أو ما شابه ذلك من الأمور الدنيوية –فَهِجْرَتُه إِلى ما هاجَرَ إِلَيه }فكان الصالحون فى كل زمان ومكان لهم فى بداية العام الهجرى وقفة صادقة لتصحيح مراد النفس ونواياها وطواياها لتستعيد مكانتها عند مولاها وخالقها وبارئها فيسارعون إلى تخليص القلوب – وهى موضع الطوايا والنوايا – من كل شائبة تشوب الأعمال والأحوال والأقوال عند صدورها لأنهم يراعون علام الغيوب حتى يَصلون إلى المقام العلى الذى يقول فيه المولى فى كتابه القرآنى{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)أى يجب أن تعمل وتعلم علم اليقين أن العمل الذى تعمله أو ستعمله فيما يستجد من أيامك ويُستقبل من عمرك سيراه الله ورسوله والمؤمنون بهذه الكيفية أى اجعل الله أول قصدك، والتأسى بالحبيب غاية مرادك، والخلق إن كنت تريد أن يتأسوا بك ويقتدوا بك فهى فى المرتبة الدنيا من نواياك وطواياك وأحوالك، تصيب القصد وتحقق المراد لأن هذا هو المنهج الذى وضعه الله للسابقين والمقربين فى كل زمان ومكان، إذا غيَّر المرء هذا النسق وجعل غايته العظمى الخلق وادَّعى بعد ذلك أنه يريد بعمله الحق فإنه يغش نفسه{ مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا }[9]فأول العام الهجرى وقفة مع النفس راجع نفسك وراجع أعمالك التى عملتها فى العام المنصرم وضع لنفسك قاعدة تنال بها رضاء الله فيما يُستقبل من الأيام واعلم علم اليقين أن الخلق أجمعين لو اجتمعوا على أن يُثيبوك على عمل ولو تسبيحة واحدة لله ما استطاعوا أجمعين واعلم أن الخلق أجمعين لو التفوا حولك وأحاطوا بك ما استطاعوا أن يُقربوك قدر أنملة لرضاء رب العالمين فاقصد الله وعامل الله بإخلاص وصدق ويقين بمثل ذلك يجدد الإنسان أحواله، بتجديد نواياه لله ولذلك كان بعض الصالحين لا يخرج من بيته متوجهاً إلى أى عمل حتى يُحقق نواياه ويقول فى ذلك{إنى لا أخرج من بيتى إلا إذا استجمعت سبعين نية كلها لله )وسبق الصالحين ليس بالكم ولكن بهذه النوايا على سبيل المثال: لماذا أذهب إلى الندوات الدينية؟أذهب لطلب العلم وطالب العلم فى سبيل الله حتى يرجع هذه نية أذهب للتوادد فى الله والزيارة للإخوان الصادقين فى الله وفيها يقول{مَن عَادَ مَرِيضاً أَوْ زَارَ أَخاً لَهُ في الله نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً[10]أذهب لأقف على نفسى أعرف ما لها وما عليها ومحاسبة النفس أساس وضعه النبى الكريم لأصحابه وأحبابه المباركين إلى يوم الدين أن المرء يكون له وقت يحاسب فيه نفسه فى كل يوم وليلة على ما قدَّم وعلى ما فعل فإن وجد خيراً حمد الله تعالى على ذلك وإن وجد غير ذلك تاب واستغفر الله تعالى من ذلك فيدخل فى قول الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}أذهب لأُطهر قلبى وأدخل فى قول رب العالمين فى جماعة الحاضرين{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}نوايا لو أخذنا فى استجماعها ما استطعنا تعدادها ولا سردها لأن النوايا التى تجيش فى قلوب الصالحين لا يستطيع أحد أبداً عدَّها لكن الرجل الصالح يعيش فيها ويحيا بها ولذلك قال رجل من تلاميذ أحد الصالحين[يا سيدى إن القوم يسئلون عن الطريق وعلومه وأذواقه ومشاربه وفتوحاته فبِمَ أقول لهم فقال :قل لهم من لم يذق طعم العسل هل يستطيع وصفه؟ فسيقولون: لا، فقل لهم: كيف يستطيع وصفه؟ فسيقولون: إذا ذاقه قال فقل لهم إن الطريق وفتحه لا يستطيع الحديث عنه ولا وصفه إلا من ذاقه فهو كالعسل]ليس علماً نظرياً وليس سرد برهان يحتاج إلى أدلة وبراهين ولكنه علم ذوقى يقول فيه الله{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}فأثبت الله أن أدوات تحصيل العلم ثلاث:السمع من الغيروالبصر فى الكتب أو فى الآفاق ثم الفؤاد وهو يتلقى من المَلك الخلاق فأثبت للفؤاد أنه وسيلة من الوسائل التى يُحصل بها العلم ويُحصل بها الفهم ويُحصل بها الذوق ويُحصل بها الشهود ولكن ذلك لأهله الذين خاضوا غماره ومشوا على منوال الحبيب فى عطاءه فأعطاهم الله الجنى الدانى الوارف لأهله لأنه طعام لا يناله بالذوق إلا من صفا ذاته ومشى على منهج أهله فى عطاءه ونواله.
[1] صحيح البخارى عن ابن عباس وصحيح مسلم عن السيدة عائشة رضى الله عنهم. [2] صحيح البخارى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. [3] مسند الإمام أحمد عن شداد بن أوس رضى الله عنهما. [4] صحيح مسلم عن أبي هريرة [5] مسند الإمام أحمد عن السيدة عائشة رضى الله عنهما. [6] صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنهما. [7] الصحيحين البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنهم. [8] ورد فى الخبر عن الحسن {الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ سِرِّي أَسْتَوْدِعُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي} [9] صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهم. [10] سنن الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنهما | |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ السبت ديسمبر 10, 2011 5:56 am | |
| اخلاص القصد والنية
فالشاهد أن الإنسان فى بداية العام يُصفى قلبه لمولاه وإذا صفا القلب فإن الله يعمره بالنوايا الخالصة لا يجلس الرجل العارف مع نفسه ويعُد النوايا لكن الله يقذف فى قلبه نوايا من عنده تليق بمقامه وهذا هو أول فتح يفتح الله به على الصالحين أن يفتح الله له فى قلبه باباً يتلقى منه إلهام ربه وأول الإلهام الدليل على حب الله له أن يُلهمه الله النوايا التى بها يرفع الله قدره ويُعلى الله شأنه ويجعله على قدم حبيبه ومصطفاه صلوات ربى وتسليماته عليه عندما رجعَ رسولَ الله من غزوةِ تبوكَ ودَنا من المدينة قال[إنّ بالمدينةِ أقواماً ماسِرتم مَسِيراً ولاقَطعتُم وادياً إلا كانوا مَعَكم قالوا:يا رسولَ الله وهم بالمدينة قال:وهم بالمدينة حَبَسَهمُ العُذر}[1]ولذلك أعطاهم الله بالنية ربما ما لم يأخذه نفر ممن مشى مع سيد البرية فى هذه السفرة لأنه ربما خرج مسافراً ويُسر فى قلبه النفاق والمنافقون كانوا يسافرون معه ويحضرون معه بل ويحاربون معه لكن ليس لهم عند الله أجر والمُخلصين الصادقين الذين بقوا فى المدينة نالوا الأجر بالنية فأعلمنا أن النيَّة هى التى عليها المُعوَّل ولذلك يقول الإمام الشافعى( إن حديث{إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى} ربع الدين ) لأنه عليه الأساس من كل عمل:{ رُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلا السَّهَرُ وَرُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ }[2]وقالوا له: يا رسول الله الرجل يجاهد للذكر والرجل يجاهد للغنيمة والرجل يجاهد حمية لقومه فمن فى سبيل الله؟ فقال{مَنْ قَاتَلَ لِتكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العُلْيَا فَهُوَ في سَبِيلِ الله }[3]لذلك من قاتل للذكر أو للغنيمة أو حمية لقومه فليس له أجر فالأجر على قدر النية مع أنه قاتل وحارب لكن الإمام الشافعى جعل ربع الدين على هذا الحديث الطيب{إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات}لأن النبى استخدم له أداة الحصر (إنما)ويقول فى حديث آخر{نيَّةُ المؤمنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ}[4]ويروى أن الله يوم القيامة يُظهر فضل النوايا فيأمر الملائكة بإحضار رجل معه أمثال الجبال من الأعمال الصالحة فيقول الله تعالى{أَنْتُمُ الْحَفَظَةُ عَلَى عَمَلِ عَبْدِي وَأَنَا الرَّقِيبُ عَلَى نَفْسِهِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْنِي بِهذَا الْعَمَلِ وَأَرَادَ بِهِ غَيْرِي فَعَلَيْهِ لَعْنَتِي}[5]هو لا يعُطى الأجر إلا إذا كان العمل خالصاً لذاته ولذلك تجد الصالحين أول تدريب عملى يقومون به للسالكين والمحبين هو أن يتمرن السالك على إخلاص القصد والنية فى كل حركة أو سكنة لله ومن لم يستطع ذلك فقولوا له: ليس لك فى هذا الطريق لا من قريب ولا من بعيد لأن الله قال فى قرآنه{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}لابد من تحرى الإخلاص فى كل عمل والإخلاص أن تقصد وجه الله فى كل عمل حتى كان أحد الصالحين عندما كان يمرن تلاميذه على ذلك كان يدربهم إذا نزل أحدهم بلد للدعوة إلى الله يقول له : يا بنى كل ما اشتهيت قبل أن تذهب إلى القوم الذين تدعوهم إلى الله حتى لا تميل نفسك إلى شئ مما عندهم وتكون الدعوة خالصة لوجه الله ويقول: لو ذهب داعياً إلى الله إلى بلد وأفاض الله عليه من العلوم ومن الإلهامات ما لا حد له وبعد أن انتهى لم يدعُه أحد من أهل هذا البلدة إلى حتى تناول قدح شاى إذا تغير قلبه على أهل هذه البلد بسبب ذلك فإنه يحتاج إلى أن يُرد إلى دائرة الآداب ليتأدب فى رياض الصالحين وحتى حديث الناس فإن النفس تحب أن تُحَدِّث أو تُحَدَّث بما فعلت وما سمعت وما صنعت فكان يقول{يا بنى اعمل ولا يهمك معرفة الناس أو شيخك أنك تعمل لأنك تعمل لله لا للناس أو لشيخك}هذا الإخلاص كان أصحاب حضرة النبى يلاحظونه فى أدق المواطن فقد ورد أن الإمام علىّ طلب أحد الفرسان من الكافرين رجلاً للمبارزة فخرج له فأخذا يضربان حتى سقط فرسيهما تحتهما موتاً من شدة الضرب والكر والفر فترجلا وأخذا يضربان بعضاً بالسيوف حتى تكسرت سيوفهما فاشتبكا مع المصارعة فحمله الإمام علىّ وجلد به الأرض وركع فوقه وأخرج خنجره ليذبحه فتفل الرجل فى وجهه فقام الإمام علىّ وتركه فتعجب الرجل وقال : لِمَ تركتنى بعد أن تمكنت منى؟ قال كنت أقاتلك لله فلما تفلت فى وجهى خفت أن أقتلك انتقاماً لنفسى فيكون العمل غير خالص لربى قال: وهل تراقبون الله فى هذه المواطن؟ قال: وفى أدق منها كانوا يراقبون الله فى هذه المواطن يراقبون أن تكون الحركات والسكنات فى كل زمان ومكان لا يرجون بها إلا رضاء الله وإلا وجه الله ثم بعد ذلك يقومون بها على هيئة حبيب الله ومصطفاه أى يتابعون الحبيب صلوات ربى وتسليماته عليه فى هذا الحال لكن لابد أن تكون النيَّة أولاً لله ولذلك كانت كل أحوالهم طاعات نومهم ذكر وجلوسهم ذكر وقيامهم ذكر وحديثهم ذكر ونظراتهم ذكر وإمداد أيمانهم إلى غيرهم ذكر ومشيهم بأقدامهم وسعيهم بأقدامهم إلى أى مكان ذكر وأى حركة بالجوارح الظاهرة معها نية باطنة ولذلك أعمالهم كلها ذكر لله لأنهم استحضروا النوايا والطوايا بعد أن طهروا القلب لله وجعلوا الأعمال خالصة لله وفيهم يقول الله لحبيبه ومصطفاه {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }
[1] صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنهما [2] مسند الشهاب عن ابن عمر. [3] مسند الإمام أحمد عن أبى موسى الأشعرى. [4] فتح البارى وشرح الزرقانى [5] رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما عن معاذ رضى الله عنه (الترغيب والترهيب).
| |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الأحد ديسمبر 11, 2011 1:00 pm | |
| أنواع الهجرات
فتح رسول الله الهجرة لأصحابه المباركين وكان يعلم علم اليقين أنه لابد له من الهجرة لأنه ما من نبى إلا وهاجر ولما نزل عليه الوحى أخذته السيدة البارة السيدة خديجة رضى الله عنها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من أهل الكتاب يتعبد على دين المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام وقرأ الكتب السماوية التوراة والإنجيل فقال له: احك لى يا ابن أخى ما رأيت؟ فحكى له ما صار سيدنا رسول الله لما جاءه الوحى لأول مرة ارتجف وارتعد وارتعش لأن سيدنا جبريل احتضنه ثلاث مرات وهذا الإحتضان كان للشوق لأن سيدنا جبريل كان مشتاقاً إلى حضرته فلما رآه عبَّر عن شوقه باحتضانه صلوات ربى وسلامه عليه، ثم أخذ يجرى من غار حراء إلى منزله فى مكة حتى ذهب للسيدة خديجة وقائلاً زملونى زملونى دثرونى دثرونى - فحكى له هذا فقال له ورقة: أبشر يا ابن أخى إن هذا هو الناموس – أى المَلَك – الذى كان يأتى موسى وعيسى وأنت نبى هذه الأمة ثم قال له: ليتنى أكون فيها جزعاً – أى شاباً فتياً – عندما يخرجك قومك قال: أومخرجى هم؟ قال: نعم ما من نبى أُرسل بما أُرسلت به إلا وأخرجه قومه إذاً النبى يعرف أنه سيهاجر من لحظة نزول الوحى رأى المكان وخططه ووطن لكل جماعة مكان فيه فى رحلة الإسراء لأن سيدنا جبريل عندما أركبه البراق جاء إلى مكان المدينة فقال هنا دار هجرتك من أجل ذلك فإنه عندما اشتد الأذى من الكافرين على من معه من المؤمنين قال لهم{ قَدْ رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ أُرِيتُ سَبْخَةً ذاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ هُمَا حَرَّتانِ}[1]فهاجر أصحابه إلى المدينة ثم بعد هجرته استمرت الهجرة من الجزيرة العربية إلى المدينة إلى أن فتح رسول الله مكة فى العام الثامن من الهجرة فقال لأصحابه{ لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ ولكنْ جِهادٌ ونيَّة }[2]إذن الهجرة استمرت لمدة ثمانى سنين ولم يعُد بعدها هجرة مكانية إذاً ثواب الهجرة وفضل الهجرة وعظيم الأجر على الهجرة ما ذنبنا لنُحرم منه؟ أبقى رسول الله لنا ذلك فقال فى حديث عظيم متفق عليه{المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه }[3]وقال أيضاً{وَالله لا يُؤْمِن وَالله لا يُؤْمِن وَالله لا يُؤْمِن قالوا: وَما ذَاكَ يا رَسولَ الله؟ قالَ: جارٌ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ » قالوا: وما بوائقه؟ قال:«شَرُّه»}[4]الحديث ليس له شأن بالعبادات فلم يقل المسلم الذى يُصلى الصلوات الخمس ويصوم ويزكى فهذه الأشياء فرائض لكن متى ينال شرف أن يكون مسلماً حقاً؟إذا تُرجمت العبادات إلى أخلاق واضحة فى السلوكيات أثرت عليه العبادات فأصبح وقد سَلِم الناس جميعاً من لسانه ويده فلا لسانه يؤذى أحد ولا يغتاب أحد ولا يقع فى عرض أحد ويده لا تؤذى مسلماً بالشكاوى الكيدية أو الأذية أو بأى عمل من أعمال اليدين وفيها ما فيها بالنسبة لأخيه المسلم والمؤمن هو الذى أمن جاره بوائقه أى شروره وآثامه فلا يرى جاره منه إلا الخير لأن الإحسان إلى الجار هى رتبة النبى المختار ومن وراءه ومن على شاكلته من الأبرار والأطهار{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ}من المهاجر إلى يوم القيامة؟الذى هجر المحرمات والذى هجر المعاصى والذى هجر الفواحش والذى هجر الإثم والذى هجر الوقوع فى الذنب والذى هجر الأفعال التى تُغضب الله كلها إن كان كبائر أو صغائر وهجر الأقوال التى تُغضب الخلق كلها إن كانت سباً أو شتماً أو لعناً أو غيبة أو نميمة أو قذف أو سحر أو ما شاكل ذلك يسلم الناس منه جميعاً لأنه هجر كل ما يؤدى إلى غضب الله عليه أو كل ما يؤدى إلى إغضاب الخلق منه لشر فعله نحوهم أو سوء أصابهم به حتى ولو كان لا يدرى لأن المؤمن لا يفعل ولا يقول إلا ما يُرضى الله عنه، فهذه هى الهجرة أن يهجر الإنسان كل ما نهى الله عنه ولذلك يجب على كل واحد منا مع بداية العام الهجرى أن يراجع نفسه ماذا هجرت من المعاصى؟ وماذا تبقى لكى أهجره من المعاصى؟وإذا أردت أن أكون أعلى فى المقام فيكون ماذا هجرت من الأخلاق القبيحة حتى أتجمل بالأخلاق الكريمة؟هجرت سوء الظن مثلاً هجرت الكذب هجرت الأثرة والأنانية هجرت النظر إلى المسلمين بعين تتطلع إلى ما فى أيديهم وإلى ما عندهم من خيرات وتتمنى زوالها أو الحصول عليها ومنعها منهم فكل هذه الأشياء تحتاج إلى هجرة ولذلك قال العلماء العاملون الهجرة فى هذا المقام لمن أراد أن يهاجر ثلاث هجرات{هجرة بأمر الله وهجرة بفضل الله وهجرة بتوفيق الله}أما الهجرة بأمر الله فهى أن يُنفذ كل ما أمره به مولاه ولكى يُنفذ ما أمره به مولاه لابد أن يهجر ما نهى عنه مولاه فلابد أن يهجر المعاصى حتى يفعل الطاعات ويهجر الحرام حتى يحصل على الحلال، ويهجر الذنوب والآثام حتى يُطيع الملك العلام فهذه الهجرة بأمر الله أى فعل ما يأمره به مولاه بعد أن يترك ما نهى عنه الله وهذه الهجرة الآية الجامعة لها فى كتاب الله هى قول الله{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}والمصيبة التى وقع فيها كثير من المسلمين فى هذا الزمان أنهم جمعوا بين الإثنين فكثير منهم يظن أن المطلوب منه لإرضاء ربه القيام بالعبادات أما المعاملات فيمشى فيها على حسب هواه وإن كان يعلم علم اليقين أنه يخالف شرع الله فمثلاً التاجر قد يذهب إلى الحج كل عام ويذهب إلى العمرة مرات فى العام لكن فى تجارته لا مانع عنده من أن يغش فى الكيل أو الوزن أو يغش فى الثمن أو يغش فى الصنف فيرى أنه ليس عليه شئ فى هذه الأشياء هذه الثنائية هل يوافق عليها الدين؟ لا فالشرط الأول أن يهجر ما نهى عنه الله فقد نهى الله عن التطفيف فيجب ألا يُطفف فى كيل ولا ميزان لأن الله قال{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}نهى الله عن الغش على لسان حبيبه ومصطفاه{مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا}[5]نهى عن أى غش إن كان فى الصنف أو السلعة أو غير ذلك فمشاكلنا فى مجتمعنا سببها التفريق بين المعاملات والعبادات مع أن الدين كله واحد ولابد للإنسان أن يأخذه بجملته فلا يجوز له أن يعمل بشئ ويترك أشياء ويظن أنه على صواب لأنه نَهْى عن كل ما نهى عنه الله ثم بعد ذلك قيام بكل ما أمر به الله كثير من الناس يحرص على الفرائض ولبيان مدى حرصه على الفرائض فى وقت عمله يترك العمل قبل الظهر بوقت كبير ويذهب للمسجد ليستعد لصلاة الظهر ويظن أنه أدى العبادة كما ينبغى عبادتك فى عملك ومكتبك وإذا كان عملك يتعلق بخدمة الجماهير فتكون الصلاة بعد نهاية العمل إلا إذا وجدت فرصة وتعود سريعاً وإذا كان العمل لا يتعلق بالجماهير فاذهب للصلاة أثناء إقامة الصلاة والذى يُصلى بهم يراعى ذلك فلا يطيل فى الصلاة لكن المتنطعين يظنون أنهم على صواب وبعضهم يقوم بعمل درس بعد صلاة الظهر أين العمل؟ويسولون ذلك على أنه من الدين وهذه هى الطامة الكبرى التى أساءت إلى دين الإسلام فى نظر غير المسلمين لأنهم رأوا أن ما يصنعه المتنطعين – لأن صوتهم عالى – هو هذا الدين مع أنهم بعيدين عن نهج الدين بالكلية الدين:{أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ}[6]حق العمل لا أفرط فيه وحق الله محفوظ فنحن نحتاج فى هذه الأيام الكريمة أن نبين لأنفسنا ونمشى على هذا المنهاج وإن كان فى نظر كثير من المتنطعين شاذ لكن هذا هو المنهج الحق الذى ارتضاه سيد الخلق وهو أن نهجر المعاصى بالكلية ثم نبدأ العبادات لرب البرية ولو أن الإنسان انتهى عن المعاصى ثم لم يقم إلا بالفرائض فقط أفلح كما قال النبى ودخل الجنة لأنه ليس عليه شئ فالأساس أن يحفظ الإنسان نفسه من الذنوب والآثام ثم يطيع الملك الحق رغبة فى الهجرة إلى الطاعات والقربات المبثوثة فى كتاب الله والتى بينها بفعله وقوله وحاله سيدنا رسول الله يحتاج المسلمون جميعهم فى هذا الزمان إلى هذه الهجرة فمثلاً نجد الفلاح يذهب ليصلى الفجر فى وقته وعندما يؤذن الظهر يترك عمله ويسارع للصلاة ثم بعد ذلك يريد أن يكسب سريعاً فيضع فى زراعته الهرمونات والكيماويات والمبيدات المحظورات ليستعجل الأرزاق، ويظن أن هذا شئ والعبادة شئ لابد من هجر هذا للغش أولاً ثم بعد ذلك لو لم تصلى إلا الفرائض فى وقتها سيكفيك هذا وقس على ذلك بقية الأمور فتلك مصيبة حلت بمجتمعنا لأننا تأثرنا فيه بالمجتمعات الأجنبية وأخذنا نظرية المنفعة وإن كنا لا نشعر بها وجعلناها هى أساس حياتنا إذا كانت المنفعة فى ميزان المعاملات لا نوزنها بميزان الحلال والحرام قال النبى{لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا }[7]الهجرة الأولى التى هجرها كل أصحاب رسول الله سواء فى المدينة أو خارج المدينة هى هجرة المعاصى بالكلية وهجروا المحرمات الواردة كلها جملة واحدة والمعاصى التى لا يعتبرها المسلمون الآن معاصى ويتسلون بآدائها فهذه مصيبة المصائب مَن فى المسلمين الآن يعُد الكذب معصية؟الأغلبية يعتبرونه فهلوة وشطارة ومَن مِن المسلمين الآن يعتبر أن الغيبة والنميمة وقيعة ينبغى عليه الإقلاع عنها؟ قلَّ وندر تسالى الناس فى هذا الزمان فى القيل والقال فلابد من هجرة كل ذلك وننفذ ما أمرنا به الله وحتى ندخل فى قول النبى{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ }.
[1] رواه البخارى في الصحيح والإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها. [2] صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهم. [3] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم. [4] مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة. [5] صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهم. [6] رواه ابن حبان والبيهقي عن أبي جحيفة عن أبيه. [7] سنن الترمذى عن حذيفة رضى الله عنهما.
| |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الأحد ديسمبر 11, 2011 9:13 pm | |
| هجرة الدنيا والدنايا
إذا استطاع الإنسان أن يهاجر هذه الهجرة فيرتقى منها إلى هجرة أعظم فيرتقى إلى هجرة بفضل الله من الدنيا إلى الآخرة فيرى الأعمال التى وصفها الله فى القرآن بأنها هى الدنيا ولا يأخذ منها إلا الضرورات متأسياً بحبيب الله ومصطفاه وهمه يكون كله فى الأعمال التى توصله إلى رضوان الله فى الدار الآخرة، ما الدنيا يارب؟ قال{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}{لَعِبٌ}لو أننى فى لعب إذاً أنا فى الدنيا كمن يجلسون على قهوة يلعبون الطاولة أو الدومينو للتسالى – ليس على مال فهو قمار - فهؤلاء فى الدنيا والحكم فى ذلك حكم به النبى فقال:{اللاَّعِبُ بالنَّرْدِ (قماراً) كآكِلِ لحمِ الخِنْزِيرِ واللاَّعِبُ بِهَا عن غيرِ قمارٍ كالمُدَّهِنِ بِوَدَكِ الخِنْزِيرِ }[1]الخنزير نجس إذاً لماذا يضع الإنسان يده فى هذه النجاسات فبدلاً من أن أمسك الزهر أمسك بالمسبحة فأستغفر الله أو أذكر الله أو أصلى على رسول الله فأدخل فى قول الله{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }وكذلك اللهو كالذهاب إلى السينمات والمسارح الترويح مطلوب وحبب النبى فيه وقال{ثَلاَثٌ يَجْلِينَ الْبَصَرَ: النَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ وَإِلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَإِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ }[2]فإذا تنزه الإنسان فى حديقة يكون دائما فى خاطره: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}ينظر ليعتبر{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ}فيكون كل نظره للعبرة، فأى شئ ينظر إليه يجد فيه عبرة ويجد فيه ذكرى ويجد فيه عظة بليغة لكن لا يُضيع وقته فى مثل هذا اللهو الكل مطالب أن يمارس رياضة لكن مشاهدة القنوات الرياضية ما الفائدة منها؟ الذين يلعبون يكسبون ولو تأخر عنهم المكسب لما لعبوا لأنها أصبحت حرفة لكن ما مكسبى أنا؟ يجب على المؤمن دائماً أن يستغل كل نَفَس فيما يحقق له ربحاً إما فى الدنيا أو الآخرة فبدلاً من الجلوس لمدة ساعتين لمشاهدة مباراة أنظر فى كتاب الله أو أقرأ باب من العلم النافع أو غير ذلك من هذا القبيل لكن لا بأس من ممارسة الرياضة والأصعب من ذلك هو التعصب للأندية فتجد الحوارات والنقاشات التى لا فائدة منها إلا أنه قطع الوقت فيما لا يفيد وهذا اسمه اللغو فاللغو هو الكلام الذى لا يفيد وما صفة المؤمنون يارب؟ قال{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}لكن لو غيبة أونميمة فإن لها محاضر فورية ولا يتم حفظ أى محضر إلا بمصالحة صاحب المحضر نفسه ليتنازل عن القضية فالمؤمن ليس عنده وقت للغو ولا للهو ولا للسهو وإنما دائماً وأبداً ذاكرٌ لمولاه وخاصة أن الله قال لنا{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً}وكثيراً ليس لها حدود{وَزِينَةٌ}والزينة هى التى تشغل عن الله لكن كونك مؤمن فأنت مطالب أن تتجمل{ إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ }[3]لكن لا يجب على الإنسان أن يهتم بمظهره زيادة عن اللزوم وينشغل به حتى عن عمله{ إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ }[4]ولكن بشرط ألا يشغل البال كيف؟قال رجل لأحد الصالحين: أريد أن أُحضر لك ثوباً، قال له: لا مانع بشرط أن تأتينى بثوب يخدمنى لا ثوباً أخدمه فالمؤمن نظيف يحب النظافة وجميل يحب الجمال ولكن بشرط ألا تشغل الإنسان هذه الأشياء عن طاعة الله وذكر الله والإقبال على الله وإلا ستكون من الحياة الدنيا سيدنا رسول الله كان ذات مرة على المنبر وكان قد لبس خاتماً جديداً، وإذا به يخلع الخاتم ويرمى به، فقالوا له: ما هذا يا رسول الله؟ قال ما معناه{ هذا شغلنى عنكم مرة أنظر إلى الخاتم ومرة أنظر إليكم فخلعته}وقال فى ذلك رجل من الصالحين{كل ما شغل الإنسان عن الله من مال أو ولد فهو مشئوم}[5] أقوم للولد بواجبى نحوه، لكن لا يشغلنى عن طاعة الله وعن عبادة الله وعن رضا الله جل فى علاه{وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ}بعض المجالس لا يكون الحديث فيها إلا عن الأنساب والعائلات هل المؤمن عنده وقت لهذا الكلام؟ نحن لو تكلمنا نتكلم عن ديننا وعن الله وعن نبينا وعن صحابة نبينا فهذه أحاديثنا، قال النبى{إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ }[6]لكن بِمَ تفتخر؟ افتخر بأخلاقك وعباداتك وأعمالك الصالحة لكن أبى وأمى رحمهم الله وأفضوا إلى رحمة الله فما دورك أنت؟ هذا هو الأساس فنهى الله عن التفاخر حيث كانت هناك مجالس للتفاخر فى مِنَى فقال لهم الله{فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}كذلك كلام الموظفين فى المكاتب كله فى هذا القبيل إما أن يفتخر الإنسان بمن مات أو بأولاده الموجودين ابنك لو لم يهده الهادى هل تستطيع هدايته؟ لو لم يوفقه الموفق هل تستطيع إجباره على عمل؟فعندما تنظر إلى ذلك انظر إلى توفيق الله أولاً كذلك الفلاحين يتفاخرون بزراعاتهم فيقول أحدهم زراعتى أفضل من فلان لأنى عملت لها كذا وكذا هل نسيت المحسن الذى أحسن إليك فى هذه الزراعة؟ أنت تضع البذرة فقط والبذرة هو الذى أتاك بها وجاءك بالماء والهواء والغذاء ويرعاها ويتولاها لو لم يحفظ الحفيظ هذه الزراعة فإنها ستنتهى إذن توفيق الله هو الذى مع الإنسان فى كل شأن وكذلك الحال بالنسبة للأولاد {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}لو الهداية بيد إنسان لكان ملكها الأنبياء لكن هل استطاع النبى أن يهدى ابنه؟ فقل أولاً فضل الله علىَّ كذا وكذا فتذكر فضل الله عليك حتى لا تُشغل بالتفاخر بما ليس لك وإنما لله جل فى علاه كذلك الذى يفتخر بنفسه إن كان بقوته أو بعينيه أو بشكله والسيدات لهن باع واسع فى هذا المجال فمثلاً تأتى بطفل لها وتقول لمن حولها مَن يستطيع أن ينجب مثل هذا الطفل؟هذا رزق ساقه الله من صنع العينين؟ ومن صور الوجه؟ ومن لون الشعر؟ومن له دخل فى أى أمر ظاهر أو باطن بالنسبة لأى ولد أو بنت؟ الفضل كله لله فلا ينشغل الإنسان بهذه الأمور لأن الشغل بها من الدنيا{وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}إذاً لا نسعى لذلك؟ لا بل يجب أن نسعى لنتحقق بقوله{نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ }[7]وذلك بأن أسعى فى طريق حلال أحله شرع الله، ووسيلة التحصيل التى أستخدمها يوافق عليها شرع الله وأُخرج منه حق الله إذا كان عليه زكاة ولا أنشغل به عن حقوق الله وطاعة الله فلا يجوز أن أجمع الصلوات مع بعضها بحجة عدم وجود وقت هل هذا عذر يقبله الله من الإنسان يوم لقياه؟لا لو لم تؤدى الفرائض فى وقتها وجمعت الدنيا بأكملها فى يديك، ماذا ستصنع بها عندما ترحل من هنا؟ ستُسأل عنها وتتركها لغيرك ليتمتع بها إذن يجب على المسلم أن يُحصل المال ليغنى نفسه عن سؤال اللئيم وعن الحاجة إلى الخلق لأن الحاجة فيها مذلة وهوان والمسلم دائماً عزيز{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}فلابد للمسلم أن يعز نفسه بأن يكون معه ما يغنيه عن الخلق مع أداء الفرائض والطاعات فى وقتها فى هذه الحالة يصبح المال الذى جمعه عبادة ويدخل فى قول رسول الله{مَنْ بَـاتَ كالاًّ مِنْ عَمَلِهِ بَـاتَ مَغْفُوراً لَهُ }[8]وكذلك الأولاد، لو تركت الصلاة فى المسجد لأبقى معهم لأنهم فى الثانوية أو غير ذلك هل بقاءك معهم هو الذى سينجحهم؟من الجائز أن يكون دعاءك لهم هو سبب التوفيق لهم لأن الإمتحانات توفيق فكما أن أولادك يريدون منك أن تتابعهم كذلك يريدون منك أن تكون على صلة بالله حتى تدعو لهم لأن الدعاء أزكى لهم وأنفع وإذا أردتهم أن يكونوا صالحين حتى عندما تنتقل إلى الله يبقى لك ولد صالح يدعو لك كذلك نجد الآن انتشار المدارس والكليات الأجنبية والناس تُدخل أولادها فيها إذا كانوا سيذهبون إلى هذه المدارس أو الكليات وسيحافظون على الدين فلا بأس لكن إذا لم يحافظوا على الدين وفهموا أنه لا مانع من صداقة المسلم للمسيحية والمسلمة للمسيحى وتعلموا العلمانية البحتة لأنه ليس هناك ناحية دينية من بعيد أو قريب فى هذه الأماكن- إلا شكايات لا طائل منها- ، فهنا أكون قد قصرت فى حقهم، حتى لو تخرج واشتغل فى أرقى المناصب لأنى ضيعت عليه الدين وأنا المسئول الأول لقول رب العالمين {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }فالأساس كله أن أوفيهم وأوفى لهم الناحية الدينية ولا يضيعونى لإرضاء رغباتهم أن أكسب من الحرام كأخذ الرشاوى أو الحصول على أشياء ينكرها شرع الله لأكفى لهم حاجاتهم المؤمن يمشى على قدر وسعة الحلال الذى أحله له ذو الجلال والإكرام قال النبى{إذا كان يوم القيامة يشكو أهل الرجل الرجل إلى الله يقولون: يا ربنا خذ لنا بحقنا من هذا فيقول رب العزة: وما ذاك؟ فيقولون: كان يطعمنا من الحرام ولم يعلمنا أحكام ديننا }[9]إذن أنت مطالب أمام أولادك بشيئين، أولهما الحرص على أن تكون كل طلباتهم من الحلال، وثانيهما أن أربيهم على الخلق والدين، حتى أجد ولد صالح أو بنت صالحة تدعوا لى عندما أفارق الدنيا وأكون بين يدى رب العالمين، إذا هاجر الإنسان من هذه الأمور إلى أعمال الآخرة وبضاعة الآخرة{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} فهذه هجرة عالية وهناك هجرة أعلى منها وهى أن يهاجر من الكونين إلى مكون الأكوان وهى الهجرة بتوفيق الله من الدنيا والآخرة إلى وجه الله فهى هجرة قلبية أى بالنية أى أن الإنسان لا يقصد عند نية أى عمل دنيا كالشهرة والسمعة والرياء، ولا يقصد به ثواب ولا جنات فى الآخرة، ولكن يقصد به وجه الله، وهذه المعاملة الأعلى التى ذكر الله فيها أهل الصُفة وقال فيهم لحبيبه ومصطفاه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}عملهم كله طلباً لوجه الله، وهذه المعاملة الأجمل والأكمل والأعلى، وهى هجرة الأفراد الذين فروا إلى الله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}إذن يجب على الإنسان فى بداية كل عام هجرى أن يراجع هجرته لينظر ماذا فعل فيها ويرجع مرة أخرى ليهاجر من جديد فلو هجرت فى كل عام خُلُقاً سيئاً واحداً ولم تعد إليه أبداً ياهناك فلو هجرت فى عام الكذب مثلاً ولم أعد إليه مرة أخرى ثم هجرت خلقا آخر وهكذا فسيأتى يوم أكون تخلقت فيه بأخلاق الحبيب: (فحافظ على منهج المختار فى العقد تنسق) ويدخل فى{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}لكن من يترك نفسه هملاً لا يراجع أخلاقه ولا أعماله ولا نياته فهذا سيندم وعند نفَسه الأخير سيقول {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ}فلابد للإنسان أن يراجع سلوكياته وأخلاقه ونواياه وطواياه وأعماله وأحواله حتى يزنها بميزان رسول الله
[1] سنن البيهقي الكبرى عن عبدالله بن عمر [2] ورد في جامع المسانيد والأحاديث وللحاكم في تاريخهِ عن عليّ وعن ابنِ عمروٍ (أَبو نعيم ) في الطُّب عن عائشةَ (الْخرائطي في اعتِلاَلِ الْقلوب ) عن أَبي سعيدٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمْ[3] مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة. [4] صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما ،ونص الحديث: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» [5] جامع العلوم والحكم. [6] رواه مسلم في الصحيح عن أبي عمار. [7] صحيح ابن حبان عن عمرو بن العاص [8] ابن عساكر ، عن المقدام بن معد يكرب رضيَ اللَّهُ عنهُ (ز). [9] تفسير روح البيان وإحياء علوم الدين –كتاب آداب النكاح-. | |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الإثنين ديسمبر 12, 2011 9:42 pm | |
| أسرار التقويم الهجرى
نحن ندعو كل المسلمين إلى الإحتفاء بأول العام الهجرى لأن العام الهجرى أو العام القمرى - أيهما شئت - هو العام الذى اختاره رب العالمين وربط به شرعه فى كل وقت وحين كما قال تعالى فى محكم التنزيل فى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}هذا الكلام فى العام الهجرى فكل توقيتاتك وكل حساباتك فى تشريعاتك مرتبطة بهذا العام الصيام مرتبط بشهر من أشهر التقويم الهجرى وهو شهر رمضان{صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ}[1]والزكاة إذا كانت زكاة الأموال أو الذهب أو زكاة عروض التجارة التى تجب مرة كل عام هجرى فيجب حسابها عليه لا على العام الميلادى لأنى لو حسبتها على العام الميلادى سأنكسر عند الله وأُصبح مديوناً لأن العام الهجرى ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً والعام الميلادى ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع فإذا حسبت زكاتى على العام الميلادى فكل عدة سنين سينكسر علىَّ زكاة سنة لله لم أؤدها ومن حرص الله على العام الهجرى انظروا معى: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى - أى التقويم الميلادى - تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ}ثم ذكر الهجرى: {وَازْدَادُوا تِسْعاً }حتى نعتز بتقويمنا الهجرى نحن نذكر الميلادى فقط لابد من الإثنين معاً وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هى ثلاثمائة وتسعة هجرية وهذا إعجاز لرب البرية فى الآيات القرآنية عاش رسول الله ثلاث وستون سنة هجرية أى حوالى ستون سنة ميلادية فكل الحسابات فى شرعنا بالتقويم الهجرى لأنه التقويم الإلهى الذى ارتبطت به كل الكائنات فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر والحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ }وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة ويوم عرفة يوم التاسع من ذى الحجة ولا يجوز أن يتغير لأن هذا تقويم الله جعل الله كل هذه التوقيتات بالهجرى حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة فى كل الأزمان فى الحر والبرد والخريف والحج يأتى فى كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان فيكون الجو المناسب لأهل أى زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام لكن لو كان فى الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين جعل الله حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجرى فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثمانى وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون ولا تزيد على ذلك ولذلك من ضمن الأسرار التى نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة فى أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر وتكون جاهزة للتلقيح وللإحتياط يتم الحساب ليالى الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب فى هذه الأيام حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل أسرار ربانية فى التشريعات الإلهية ثم يأتى بعد ذلك عدة النساء وحمل النساء وولادة النساء كله على التقويم الهجرى{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً}الحمل تسعة أشهر هجرية {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ }بالتقويم الهجرى وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}قروء وليست أشهر بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات وإذا كانت عدة وفاة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}بالهجرى وليس بالميلادى فكل حسابات الله حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى لهم بشأنها من ضمن الأسرار التى أباح لنا بها المولى: ما سر احتفاظ البحار بمياهها لا تأسن ولا تتعفن ولا تتغير؟ الموج وما سبب الموج؟ المد والجزر الذى يصنعه القمر فتتولد الأمواج التى تخلط مياه البحار مع الأملاح التى وضعها فيها الواحد القهار وكذا الرياح لها تأثير وإن كان أقل بكثير لأن المد والجزر يشد كل الماء المقابل للقمر فتتحرك المياه فى البحار والمحيطات كلها معاً فتستمر الحركة على مدار الأربع والعشرين ساعة على مدار حركة القمر حول الأرض فتُحفظ هذه المياه إلى ما شاء الله لا تتعطن ولا تأسن ولا تتعفن رغم ما يُلقى فيها مما لا حصر له من الأشياء القابلة للعفونة وغير ذلك كما قال فيه صلوات ربى وتسليماته عليه{هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ }[2]ربما بعض علماء النبات ما زالوا يجرون بعض التجارب فى هذا الأمر لكن الفلاحين اكتشفوها بالسليقة والفطرة اكتشفوا أن الثمار تنمو وتزيد فى الليالى القمرية، وتجمد وتثبت فى الليالى المظلمة ما علاقة القمر بإطالة هذا الثمر؟سر لا يعرفه إلا من اصطفاه الله حتى أن بعض علماء الطب حالياً قالوا أن ما يفعله القمر من مد وجزر فى البحار يعمله فى ضغط الإنسان فالضغط فيه مد وجزر بسبب الدورة الدموية من الذى يحركها؟ القمر فالسنين الهجرية فيها أسرار ربانية لابد أن نبينها ونكشفها للمسلمين الذين أدارو ظهرهم لهذه الأشهر وهمهم كله فى الأشهر الميلادية الأشهر الهجرية عليها مدار حياتنا التشريعية العمر للإنسان لا يحسبه الرحمن بالأيام ولا بالليالى ولا بالشهور ولا بالسنين {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}لأن هناك أيام لله غير أيامنا فأيامنا حسب شروق الشمس من السبت إلى الجمعة لكن أيام الله{وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}ويوم الجمعة بخمسين ألف سنة ويوم الجمعة هو يوم القيامة لأنه ستقوم فيه القيامة كما أخبر النبى {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }ومقداره أى كما تحسبون أنتم أما حسبته الصادقة الحقيقية لا يعلمها إلا الله فالله لا يحسب أيامنا وأعمارنا بذلك وإنما يحسبها بالأنفاس التى تتردد فى داخل الإنسان نفَس داخل ونفَس خارج والنفَس الأخير من الجائز أن يدخل ولا يخرج أو يخرج ولا يرجع كم عدد أنفاس الإنسان؟الصالحون قالوا إن الإنسان يتنفس فى اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفَس ومن حكمة الله أنه جعل حروف (لا إله إلا الله) اثنى عشر وحروف (محمد رسول الله) اثنى عشر فمن قال(لا إله إلا الله محمد رسول الله) غفر الله له ذنوب الأربع والعشرين ساعة ولذلك قال فيها النبى{إذا قال العبد لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فمحت كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها }[3]ومع ذلك فإن الإنسان المسلم يعلم علم اليقين أن له سجل يومى يبدأ من اليقظة إلى المنام وله سجل سنوى يعلم علم اليقين أنه يبدأ مع بداية العام الهجرى فلابد للمؤمن من وقفة مع السجل الماضى حتى يُعرج إلى الله خالياً من الهفوات والمخالفات والزلات والمعاصى والذنوب ولذلك كان سلفنا الصالح يجعلون آخر أيام العام فى التوبة والاستغفار والندم وفعل الأعمال الصالحة التى تستوجب مغفرة الغفار ويجعلون بداية العام استفتاح السجل الجديد لما يُستقبل من الأيام، فيفتتحونه بالإكثار من البسملة ويفتتحونه بالصيام ليكون أول أيام العام صيام وبخاصة أن الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام دعا إلى ذلك فقال{ أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمضَانَ شِهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ }[4]ويبدأونه بتلاوة خير الكلام فيقرأون ما تيسر من كتاب الله حتى تكون بداية الصحيفة طيبة ولو كانت البداية طيبة والخاتمة طيبة فإن الله يتغاضى عما بينهما قال الله تعالى فى حديثه القدسى{ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِكَ مَا بَيْنَهُمَا}[5]وَلِمَا وَرَدَ فى الحديث الشريف: { مَنْ كَانَ أَوَّلَ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٌ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا}[6]إذن يجب علينا ألا يمر بداية العام كما تمر بقية الأيام مع أن أهل الكفر اللئام يجعلون لباطلهم شكل وهيئة كما ترون الآن، وأجبرونا على أن نأخذ أجازة ونحتفل معهم، وكثير من المسلمين يشاركونهم فى احتفالاتهم إذاً يجب علينا أجمعين أن نُحيي هذه الذكرى، ويا بشرانا إذا فعلنا ذلك لأننا سندخل فى قول الحبيب {مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحْيانِي وَمَنْ أَحْيانِي كَانَ مَعِي في الْجَنَّةِ}[7]وقال{ المُسْتَمْسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي لَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ }[8]فيجب أن نُعَرِّف أهلنا وجيراننا ومن يصلون معنا فى المسجد بفضل العام الهجرى نُعرفهم بأن له شأنه وله قيمته، وله الموالاة التى ينبغى أن تكون منا نحو أنفسنا ونحو حضرة الله جل فى علاه.
[1] الصحيحين البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنهم. [2] موطأ الإمام مالك والنسائي. [3] أخرجه أبو يعلى من حديث أنس [4] سنن الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنهما، ونص الحديث: «أفضلُ الصيامِ بعدَ شهر رمضانَ شهرُ الله المحرَّمُ وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليلِ» [5] (حل) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل [6] الفواكة الدواني شرح رسالة القيرواني، وشرح مختصر خليل للخرشى [7] سنن الترمذي عن أنس بن مالك. [8] للطبراني في الأوسط عن أَبي هُرَيْرَةَ رضَي اللَّهُ عنهُ.
| |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الثلاثاء ديسمبر 13, 2011 10:05 am | |
| الأمانة تحل مشاكل البشرية الاقتصادية
فى مطلع هذا العام الهجرى الجديد نريد أن نستجلى حقيقةً ما أحوجنا وأحوج العالم كله إليها الآن يقول المستشرقون وضعاف النفوس من الأوربيين: بماذا جاء محمد؟وما الذى أضافه بدينه إلى الدنيا وإلى الحياة؟ وهم يعلمون علم اليقين كل شئ عن حضرته لأن الله قال فى اليهود ومن هم على شاكلته{ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}وإنما الذى منعهم من الإيمان به حسداً من عند أنفسهم كيف يكون لهذا النبى العربى الأمى هذا الشرف الذى شَرُفت به بقاع الأرض كلها من أولها إلى آخرها هذا النبى جاء فوجد الأرض كلها تعج من الظلم والظالمين والفساد والمفسدين والحكام الطغاة فى كل ناحية من أرجاء البرية أجمعين والضعيف لا معين له ولا مساعد له ولا مقوى له ولا يجد من يقف بجواره ماذا فعل هذا النبى بتأييد الله له بشرعه؟جاء بالحلول الإصلاحية لجميع المشاكل العالمية السياسية والإجتماعية والإقتصادية الدولية والقومية والأسرية والفردية بعد أن أيقن العالم كله أن الإصلاح لا يأتى بسَن قوانين ولا تشريعات فالحكومات فى كل يوم تسُن قوانين وتشريعات لكن البشر يتحايلون عليها ويُفَصلونها على أهوائهم وينفذون من طائلة هذه القوانين بمكرهم ودهائهم وحيلهم والقانون عاجز عن الإحاطة بشأنهم أو محاسبتهم ولا تستطيع قوة فى الأرض مهما كانت قدراتها العسكرية وقوة جيوشها العددية أن تُحكم القبضة على أى قرية فى بقاع الأرض لأن الناس بطبيعتهم يميلون إلى الحرية ما الحل الذى جاء به هذا النبى الكريم ونجده فى هجرته عليه أفضل الصلاة وأتم السلام؟المعدات والآلات والمصانع والمتاجر والمزارع لا تشتغل من نفسها وإنما الذى يُشغلها هو الإنسان فيتوقف إصلاح ذلك كله على إصلاح الإنسان إذا صلح الإنسان صلح أى مكان يذهب فيه ويعمل فيه وزاد الإنتاج فى أى عمل يعمل فيه وكان الإتقان رائد أى عمل يُخرجه لأهله وذويه كانت الثقة زائدة لأنهم يأخذون البضاعة وهم على يقين أنها ليس فيها غش ولا عيب لأنهم يتعاملون مع رجل صفته أنه أمين فجعل النبى إصلاح البشرية من كل أدوائها وذلك ليس فى زمانه ولكن إلى يوم الدين بإصلاح الأفراد وإصلاح الأفراد لا يكون بعلاج أجسامهم ولا بنيان بيوتهم وتجهيز شققهم ولكن بإصلاح نفوسهم وإصلاح أخلاقهم وإصلاح قلوبهم حتى يبتغون وجه الله فى كل عمل ويريدون رضاه فى كل حركة ويعملون وهم يقولون ويرددون{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}ولذلك نأخذ مثالاً واحداً من هجرته صلوات ربى وتسليماته عليه: تعلمون جميعاً مدى غيظ الكفار من هذا النبى وحرصهم على قتله أو سجنه أو نفيه وعقدوا المؤتمرات من أجل ذلك{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}وعندما أراد أصحابه الخروج لشدة ما يجدون من أنواع التعذيب التى تفننوا فيها كانوا لا يسمحون لهم بحمل أى شئ من أمتعتهم وأموالهم ويعتبرون أمتعتهم وأموالهم ودورهم غنيمة لهم بل كانوا يضطرونهم لأن يُهاجروا بليل فلم يُهاجر بالنهار إلا عمر بن الخطاب وأخذ معه عشرين رجلاً من الأصحاب وكان فيه شجاعة ألقاها فى روعه الكريم الوهاب مع أنه رجل بمفرده وطاف على الكفار وهم جالسون حول الكعبة ثم قال: يا معشر قريش شاهت الوجوه من أراد أن تترمل زوجته أو يتيتم أولاده أو تثكله أمه فليتبعنى خلف هذا الوادى – رجل بمفرده يتحدى بلدة كاملة – ولم يتحرك رجل منهم للرد عليه أو الإمساك به وخرج مهاجراً فى وضح النهار وأخذ معه عشرين رجلاً من المسلمين حماهم بمفرده حتى وصلوا إلى المدينة غانمين سالمين، لتعرفوا عزة الإسلام عند أهل الإسلام ومع ذلك كان أهل مكة لا يستأمنون ودائعهم وأموالهم والأشياء الثمينة عندهم إلا عند حضرة النبى فكأنه خزانة البنك الرئيسية التى توضع فيها جميع الودائع القرشية التى يخافون عليها من السرقة أو الضياع أو غير ذلك وبنك لم يكن أمامه حراس ولا عليه أمن ولكن الذى يحرسه هو رب الناس وفكَّر النبى بعد أن أذن له مولاه أن يهاجر ماذا يصنع بودائع القوم؟وهم أخذوا أضعاف أضعافها من أصحابه وجردوهم وأخرجوهم عراة من مكة واستولوا على كل ضياعهم ودورهم وأموالهم ومقتدى العقل يقول أن هذا المال كان تعويضاً لأصحابه عما نزل بهم ولكنه ضرب المثل الأعلى فى العالم كله من قبل ومن بعد جاء بإبن عمه علىّ بن أبى طالب وأعطاه كشفاً مدوناً فيه أسماء الودائع وأصحابها وأمره أن يبقى فى مكانه ثلاثة أيام بعد هجرته ليردها إلى أهلها وخرج النبى وأربعون رجلاً من الكفار يحيطون بمنزله وقد عزموا أن يدخلوا عليه فى أى وقت من الليل ليقتلوه بضربة واحدة فأمر علىّ أن ينام فى مكانه وأن يتغطى ببردته فقال علىّ: يا رسول الله أنت تعلم أن القوم يحيطون بالمنزل ويريدون أن يقتلوك فإذا رأونى مكانك قتلونى قال: لن يخلصوا إليك أى لن يصلوا إليك لأنك فى كنف الله ورعاية الله جل فى علاه ما هذا الأمر؟ إن هذا هو الدين الذى يقول لنا فيه سيد الأولين والآخرين{لاَ إِيْمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لهُ }[1]دين الأمانة، وإذا الصلاة لم تحقق هذا الهدف المنشود وهو الأمانة فهى صلاة غير مقبولة عند الله {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}فأول خُلُق للمسلم الأمانة أمانة الكلمة فإذا جلس مع رجل وتكلم الرجل إليه بحديث لا يُفضى بهذا الحديث إلى غيره لقول النبى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام{المَجَالِسُ بِالأمَانَةِ }[2]وقوله لأحد أصحابه ليعلمهم{إِذَا حَدَّثَ الإنْسَانُ حَدِيثاً فَرَأَى الْمُحَدَّثُ الْمُحَدثَ يَلْتَفِتُ حَوْلَهُ فَهِيَ أَمَانَةٌ}[3]أمانة فى البيع أمانة فى الكيل أمانة فى الوزن أمانة فى الشراء أمانة فى البيوت أمانة فى الأعمال أمانة فى كل شئ لأن هذا هو الدين الذى ارتضاه الله لنفسه ولا يُصلحه إلا حسن الخُلق كما قال صلوات ربى وتسليماته عليه علَّمَ أفراد أمته جميعاً فى البداية الأمانة كما نُعلم أولادنا الوضوء والصلاة لأن الغاية من الصلاة هى الأخلاق الكريمة التى جاء بها رسول الله والتى قال فيها{ إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ }[4]حتى عرف الكفار هذه الحقيقة فهذا رجل كان متزوجاً بابنته السيدة زينب رضى الله عنها – وهى غير السيدة زينب التى فى مصر فالتى فى مصر هى ابنة الإمام علىّ – فأرسل إليه الرسول ليُسلم وهو فى مكة فرفض فطلب منه أن يرد إليه ابنته فردها – وكانت ابنة خالته – وكان يتاجر ذات مرة فى بلاد الشام بتجارة لقريش كلها وربحت تجارته وعند عودته شرح الله صدره للإسلام وأراد أن يُعَرج للمدينة ليُعلن إسلامه أمام المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام - ومعه تجارة القوم – فهمس فى أذنه بعض المؤمنين المستضعفين: تعلم أن قريش أخذت دورنا وأموالنا وكل شئ لنا فعوضنا بهذه التجارة، وإذا بالرجل الذى لم يدخل الإيمان بعد يصرخ ويقول بصوت عال: أتريد أن أبدأ عهدى فى الإسلام بالخيانة؟ لا يكون ذلك أبداً فذهب إلى النبى وأعلن إسلامه أمام حضرة النبى ثم استأذنه أن يذهب إلى مكة ليرد الأمانات إلى أهلها فذهب بتجارته وأخذ يوزع البضاعات على أهلها ثم قال أمامم : يا أهل مكة هل بقى لأحدكم شئ عندى؟ قالوا: لا قال: فإنى أشهدكم أنى آمنت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً أمثال هذا الرجل هم الذين ضربوا المثل فى العالم كله وجعلوا الناس يدخلون فى دين الله أفواجا، لم يذهب جيش من أى دولة إسلامية إلى أندونيسيا فاتحاً للإسلام أو جنوب أفريقيا وإنما الذى فتحها فرد واحد ذهب بتجارته ووجدوا فيه الأمانة التى علمها لنا الله والتى أمرنا بها حبيب الله ومصطفاه فتعجبوا لهذه الأمانة وسألوه عن سرها فشرح لهم حاله فآمنوا بالله ودخلوا فى دين الله أفواجا وأنتم تعلمون علم اليقين أنه لا صلاح الآن لأحوال العالم كله إلا بالرجوع إلى الأمانة الإسلامية فإن من يتشدقون بالحرية والمدنية والديمقراطية كل بضاعاتهم فيها غشٌ تجارى ويضحكون على الفقراء والمساكين ويجعلونهم فئران تجارب يجربون فيهم أدويتهم فإذا صحت هذه الأدوية استخدموها عندهم وإذا لم تصلح حرموها فيما بينهم وإذا اخترعوا سلاحاً جديداً افتعلوا حرباً مع أى دولة فقيرة ليُجربوا فى المستضعفين أسلحتهم لكن الإسلام ليس على هذه الشاكلة إنه دين الخُلق الكريم دين الأمانة دين الوفاء بالعهد دين الكرم والشهامة دين المروءة دين الأخلاق الكريمة كلها ولا صلاح للبشرية إلا بالرجوع إلى هذه الأخلاق قال النبى{إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً الموطَّؤُونَ أَكْنَافاً الَّذِينَ يٌّالَفُونَ وَيٍّولَفُونَ}[5]وقال{ إنَّ أَثْقَلَ ما وُضِعَ في ميزانِ المؤمنِ يَوْمَ القِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ }[6]ضرب الله لنا نموذجاً فى القرآن الكريم لمشكلة اقتصادية عويصة مرت بديارنا مصر شح الماء ولم يأت النيل لمدة سبع سنين ولا مطر ولا غير ذلك وكانت بداية المشكلة رؤيا رآها ملك مصر كيف حُلت المشكلة؟رجل واحد أخذ على عاتقه حل هذه المشكلة وقال للملك{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }طلب أن يتولى وزارة الإقتصاد فأكرمه الله ومرت السبع سنين العجاف ولم يتأثر رجل من أهل مصر بل كانت المشكلة قد وصلت إلى فلسطين وبلاد الشام فكان أهل الشام وأهل فلسطين يأتون إلى مصر ومعهم الذهب والفضة ويأخذون من الأقوات التى ادخرها هذا الرجل الأمين ولم تتأثر البلد كلها بهذه المشكلة لماذا؟ لأنه رجل أمين ونظم الأمور كما ذكرها القرآن ووضعها فى سياقه النورانى الذى ألهمه به الرحمن فدعاهم أولاً إلى أن يزرعوا سبع سنين قبل السنين العجاف ويأكلوا ولا يسرفوا أمرهم بترك الإسراف أى لا يأكلون إلا الضرورات وما تبقى يذروه فى سنبله يخزنونه كما هو فى سنبله إن كان قمحاً أو شعيراً أو فولاً أو أرزاً يجعلوه فى سنبله بدون أن يطحنونه أو يدرسونه لأن ذلك حفاظ له من السوس والآفات التى تأكل المحاصيل التى يُنزع قشرها وادخر هذه الأقوات ونظم الأمر حتى مرت الفتنة بسلام ولم يحسوا بها بل تعدوا إلى الجيران وكانوا يطعمونهم ويحلون مشكلاتهم لأن الذى تولى الأمر رجل أمين .... مثال آخر: رجل تولى حكومة المسلمين فى دولة تمتد من بلاد الصين إلى المغرب ومدة خلافته كلها سنتان وستة أشهر لكنه طبق ونفذ أخلاق الإسلام وتعاليم المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فكانت النتيجة أن الزكاة حلت جميع المشكلات، وتبقى منها أموال فى الخزائن فماذا فعل وكيف صنع؟قيل له لم يعد لدينا فقير فى كل البلاد ونحن نطوف بالصحاف عليها الذهب فلم يعد يمد إليها يده أحد فتعود كما خرجت من بيت المال الجميع قد اكتفو فقال لهم: ابحثوا عن الشباب الذى يريد الزواج وادعوهم إلى خطبة البنات ويكون التزويج والجهاز من بيت مال المسلمين من أموال الزكاة فزوَّج الشباب وقضى على الفتن التى نراها كلنا فى كل حدب وصوب الآن من عدم معرفة الشباب للعفاف والزواج لغلاء الأسعار وقلة وجود البيوت التى يسكنون فيها والأعمال وغيرها التى تدر عليهم الدخل وبقيت الأموال فقال: اجعلوا فى كل مسجد معلماً يعلم الأميين القراءة والكتابة ويُقرؤهم القرآن وأحضروا له الألواح والطباشير والأقلام من بيت مال المسلمين وبذلك تم محو الأمية فى الأمة الإسلامية للرجال والنساء فى هذه المدة القليلة وبقيت الأموال فقالوا ماذا نفعل؟قال: مهدوا الطرق بين البلاد واجعلوا فى كل مرحلة على الطريق استراحة فيها طاهى يطهو الطعام للمسافرين الذين يريدون الإستراحة حسبة لوجه الله واجعلوا فيها مكاناً للنوم لمن أراد أن ينام ( فنادق مجانية مع الخدمة)واجعلوا فيها اسطبلات للدواب مجانية أيضاَ وكذلك مخزناً فيه علف للدواب - لأن السفر كان على الدواب - فيجدون طعامهم ويجدون شرابهم ويجدون نومهم ويجدون علف ماشيتهم ابتغاء وجه الله كل ذلك حله الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز فى سنتين وستة أشهر لأنه مشى على نهج الحبيب وكان متخلقاً بالأخلاق القرآنية التى دعانا إليها رب البرية كان هذا الرجل يشعر أن الخلافة عبء عليه وثقل عليه هذا الرجل كان من المرفهين لأن أباه كان أميراً فإذا جيئ له بثوب يلبسه من الحرير ثمنه ألف دينار يلمسه بيده ويقول إنه ثوب جيد لكنه خشن الملمس فلما تولى الخلافة يأتون له بالثوب المصنوع من التيل أو الكتان الخشن فيقول ما أجود هذا الثوب غير أنه ناعم الملمس ما الذى غيَّره وجعله يتغير إلى هذا الحال؟الشعور الإلهى بالمسئولية التى كلفه بها رب البرية وهذا هو الذى أعانه على حل كل مشاكل المسلمين فى هذه المدة القصيرة فما أحوج البشرية الآن إلى رجال من هذا الصنف: أمناء صادقون عندهم شهامة ومروءة عندهم جودة فى العمل و إذا عملوا شعارهم قول الله{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}والبضاعة عليها قول رسول الله{إِنَّ الله تَعَالَـى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ}[7]رائدهم أخلاق الإسلام فى كل مجال هذا هو الذى نستفيده من هجرة النبى لنعلم علم اليقين أنه لا نجاة لنا ولا حل لمشكلاتنا إلا فى تمسكنا بأخلاق نبينا وهدي قرآننا.
[1] صحيح ابن خزيمة عن أنس بن مالك [2] سنن أبى داوود عن جابر بن عبد الله [3] للبيهقي في شعب الإيمان عن جابر رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل، ومسند أحمد برواية قريبة. [4] مسند الامام احمد والبيهقي في سننه الكبرى عن أبى هريرة [5] أخرجه الطبرانى عن أبى هريرة [6] مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن أبى الدرداء [7] أخرجه البـيهقـي فـي الشعب، عن عائشة رضي الله عنها، وكذا أبو يعلـى وابن عساكر وغيرهم. | |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الخميس ديسمبر 15, 2011 1:23 pm | |
| الأسوة الحسنة نريد أن نتلمس عبرة وعظة لنا أجمعين من هجرة سيد الأنبياء والمرسلين فإن الله كان قادراً على أن يأخذ حبيبه ومصطفاه فى طرفة عين أو أقل من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لا يمشى على أرض ولا يركب مركوباً من عالم الأرض ولا ينازعه ولا يعارضه بشر كان قادراً على أن يتمم ذلك كله فى طرفة عين أو أقل فلِمَ جعله الله يروعه القوم وهو فى بيته؟ثم يبحثون عنه بعد خروجه من بيته ويختبأ منهم فى الغار لمدة ثلاثة أيام ثم يمشى بعد ذلك فى طريق لا يسلكه سائر الأنام تعمية عليهم ويدخل المدينة بعد سفر لمدة أسبوع لِمَ كان ذلك؟ لأن الله ضرب لنا المثل والأسوة والقدوة جميعاً بالحبيب وقال لنا فى شأنه صلوات ربى وتسليماته عليه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}أراد أن نتأسى به فى حياتنا، ونقتدى به فى كل أمورنا فلو أخذ الحبيب كما قد ذكرنا فى طرفة عين أو أقل ونقله إلى حيث يريد لقلنا جميعاً هذه خصوصية لمقام النبوة أما نحن العبيد فشأننا التعب والمشقة والعناء ولكن الله ضرب لنا المثل بسيد الرسل والأنبياء وكأن الله يقول لنا: كل من تمسك بدين الله وحرص على أن يعمل بشرع الله لابد أن تواجهه مشاق فى هذه الحياة ولابد أن تقابله مشكلات أو معضلات تريد أن تمنعه من العمل بشرع الله ومن تنفيذ ما يطلبه الله فى كتاب الله أو الحبيب فى سنته الشارحة والموضحة لكتاب الله ماذا يصنع؟يصنع كما صنع الحبيب ويعلم علم اليقين أنه مادام يتمسك بشرع الله رغبة فى رضاه وطلباً للفضل من الله ومتابعة لحبيب الله ومصطفاه فليعلم علم اليقين أن الله لن يتخلى عنه أيضاً طرفة عين ولا أقل كما لم يتخلى عن حبيبه ومصطفاه صلوات ربى وتسليماته عليه وحتى لا يظن الإنسان بنفسه ضعفاً إذا كان ليس له نسب كثير ولا معارف من الأكابر والعظماء - فالجميع يظن أن أمور الحياة تُيسر بالحسب أو النسب أو المعارف أو المال - فإن الله قال لنا فى شأن الحبيب{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}لم ينصره قومه ولم ينصره الذين حوله وإنما الذى نصره هو النصير الأعظم وهو رب العزة ولم يقل الله فى الآية: (فقد ينصره الله)لأنه لو قال ذلك كان معنى ذلك أن النصر سيأتى سالفاً لكن الله ذكر أن النصر معه من قبل القبل من قبل أن يخلق الله الخلق{فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}ونصره بالفعل الماضى قبل وجوده وقبل نشأته وقبل إيجاد هذه الحياة الدنيا التى نحيا فيها ونعيش على أرضها فإن الله قد نصره وأيده بنصره لأن الله أيد بالنصر كل من قام بنبوته أو بتبليغ رسالته وكذلك كل من استجاب للمرسلين وتابع سيد الأولين والآخرين فإن الله ينصره ولكن يعلم علم اليقين قول رب العالمين{وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّك وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ} [1]فلا يتعجل ولا يستبطئ النصر لكن يعلم علم اليقين قول سيدنا رسول الله{وَاعْلَـمْ أَنَّ النَّصَرَ مَعَ الصَّبْرِ}[2]النصر يحتاج إلى الصبر الجميل وعدم الهلع أو الجزع أو الشك فى دين الله أو التشكك فى إنجاز مولاه بل يعلم علم اليقين أن الله سينصره فى الوقت الذى يعلم فيه أن هذا هو الوقت الصالح لنصره والصالح لتأييده لأن الله أعلم منا بمصالحنا أجمعين نصَره الله فى الدنيا بكل عوالم الأكوان نصره بعالم النبات ونصره بعالم الطير ونصره بعالم الهواء ونصره بعالم الحيوان ونصره بعالم الجمادات ونصره بالإنس الذين ألقى الله فى قلوبهم حبه والرغبة فى نصرته صلوات ربى وسلامه عليه لأن الله يُعلمنا أنه إذا أراد نصر أحبابه فإنما يُيسر لهم جميع الأسباب والنصر فى الحقيقة من مُسبب الأسباب ومن مُحركها وهو الكريم الوهاب انظر معى إلى قول الله{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}وحسبه أى كافيه أى يكفيه عن الجميع وأمر الله الأرض أن تكون طوع أمره منذ تحرك من بيته تحميه من أعداءه فإذا مشى على الرمل تماسك الرمل تحت قدمه فلم يؤثر قدمه فى الرمل حتى لا يعرفوا أثره وإذا مشى على الصخر – والصخر شديد يُتعب من مشى فوقه – كان الصخر يلين تحت قدمه حتى لا يتعب فى سيره لأنه مهاجر لربه ولم يأمر الله جحافل الملائكة أن يحرسوه استهانة بهؤلاء الأعداء، فلو كان لهم وزن عند الله لأرسل الملائكة تدفع عن حبيبه ومصطفاه [3] لكنه وهو القوى يتحداهم بأشياء ضعيفة فى بيئتها ومعروفة لهم بضعفها فيأمر نبتة معروفة تنبت فى كل أرجاء الصحراء أن تنبت فوراً على فم الغار وهو نبات معروف اسمه أم غيلان ينبت فى الصحراء وله زهور كالقطن الذى نعرفه – نبتت فى الحال ويأمر ليس صقوراً أو طيوراً جارحة وإنما يمامتين وديعتين أن ينصبا عشاً لهما على هذه الشجرة وأن تبيض الأنثى بيضتين وترقد عليهما ويأمر أضعف الحشرات وهو العنكبوت أن ينسج بيتاً على باب الغار{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }تحدى الله الكافرين بأشياء بسيطة من عالم النبات ومن عالم الطير ومن عالم الحشرات كائنات ضعيفة تحدت الكفر والكافرين حتى نعلم علم اليقين قول رب العالمين { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }فلا تُرهبنا الذَرَّة ولا الصواريخ عابرة القارات ولا الأجهزة الفضائية أو التكنولوجية الحديثة إذا آمنا بصدق بالله واتبعنا بإخلاص حبيب الله ومصطفاه فإن كل هذه المعدات والأجهزة ومن يُشغلها لا وزن لهم عند الله إذا أطعنا وكنا جميعاً كما كان الصادقون من أصحاب رسول الله، إذا دخلنا فى قوله{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}عبرة للمتقين وأسوة للمؤمنين فإن المؤمن بربه لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب ولا يستطيع عليه أحد مهما بلغت قوته ومهما بلغت مخترعاته وعدته لأنه معه الله ومن معه الله{ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }فأيَّد الله حبيبه كما رأينا، وجعل كل شئ من عالم الأسباب تحت أمره بقرار من مسبب الأسباب ولذلك عندما لحق به الرجل الفارس العتيد قال النبى:يا أرض خذيه فامتثلت الأرض وانشقت وأمسكت برجليه وأرجل فرسه فلما استغاث به قال: يا أرض دعيه فامتثلت الأرض لأمره وتركته وكرر ذلك ثلاث مرات لنعلم أن الأرض مسخرة له بأمر الله، لأن الله قال فى شأنه وفى شأن أنبياء الله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ}أيَّده الله ثم حتى لا نظن أن هذه أشياء خاصة بتأييد الله للنبى ذكر الله عن هذه الأشياء التى أشرنا إلى بعضها{فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}كل الذى ذكرناه أشياء رأيناها أو رآها من أخبرنا بصدق عنها لكن الله نصره بجنود لم نرها ما هذه الجنود؟الآيات الحسية للمرسلين والنبيين أحياناً يحدث بعضها لكبار أولياء الله الصالحين لكن ليس لكل الناس ونحن نريد عناية الله التى معنا كلنا فَعَرَّف الله النبى وعرَّفنا بأن الجنود الحقيقين الذين أيَّد الله حضرة النبى بهم لا تراهم العيون{وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}هذه الجنود ذكرها الله لأننا لنا مثلها حتى نعرف أن لنا تأييد من الله يؤيد به العبيد الذين يمشون على نهج النبى إلى يوم الدين ما هذه الجنود التى لم نرها؟منها توفيق الله ورعاية الله وكفالة الله وموالاة الله بما لا يُعد من النعم والآلاء لأحباب الله ورسل الله وأصفياء الله جل فى علاه على سبيل المثال: أشار رسول الله إلى بعضها وقال فى شأنها{نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهرٍ}[4]أعطاه الله فى أى معركة بينه وبين الأعداء يرسل الله سبحانه وتعالى عليهم الرعب وبينهم وبين حضرة النبى سفر شهر أين سلاح الرعب هذا؟{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}هذا السلاح يذهب إلى الأفئدة وليس على الأجسام أو البيوت هذا السلاح لا يراه أحد وبينهم وبينه مدة شهر أى أنه عابر للقارات لكن من الذى يبعثه؟ ومن الذى يصيره؟ الله رب العالمين لحبيبه ومصطفاه وكما أعطى هذا السلاح لرسول الله يعطيه للمؤمنين الأتقياء الأنقياء الذين يمشون على نهج رسول الله سادتنا من السلف الصالح من الصحابة الأجلاء كيف فتحوا البلدان؟ ليس بالسلاح لأن سلاحهم كان ضعيف وخفيف وكان عددهم قليل لكن السلاح الأساسى كان الرعب الذى كان يبعثه الله فى قلوب الأعداء ولا تعتقد أن هذا الرعب كان فى زمن رسول الله وصحابته فقط بل يوجد حتى فى زماننا هذا فقد كان السلاح الأساسى للنصر فى حرب أكتوبر عام ثلاث وسبعين كان الرعب فقد كانت اسرائيل تمتلك أحدث طائرات فى العالم ومع ذلك رفض ضباطهم قيادتها حتى أنهم كانوا يربطونهم بجنازير حتى لا يهبطوا منها ويتركوها سبب ذلك الرعب هذا الرعب جاء من عند الله وذلك بسبب رجوعنا إلى الله فصدق معنا قول الله{ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }كيف ننصر الله؟ ننصر شرعه، فنجعل شرع الله هو السائد بيننا فى هذه الحياة فى المعاملات وفى الأخلاق وفى المودات وفى كل الحالات لو جعلنا شرع الله هو السائد فسيأتينا نصر الله كما كان يأتى لحبيب الله ومصطفاه سلاح الرعب هذا كان للأعداء البعيدين لكن كان هناك نفر من حوله يريدون أن يغتالوه ورسول الله ليس له حرس يحميه من هؤلاء إذاً ما السلاح الذى يحميه منهم؟ الأنصار طلبوا من رسول الله أن يجعلوا له حرساً فتركهم رسول الله يجعلون له حرساً إلى أن نزل قول الله{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}فرفض الحراسة فكان ينام ويمشى بدون حرس لماذ؟ لأن الله سلَّحه بسلاح يغنيه عن الحرس وهو سلاح الهيبة الذى يقول الإمام علىّ فيه(من رآه بديهة هابه)من يراه من بعيد يهابه سواء من المؤمنين أو من الآخرين جاءت امرأة فى الطريق تشتكى لرسول الله فقيل لها ها هو رسول الله فعندما وصلت إليه ارتعشت وسقطت على الأرض فقال لها{هَوِّنْى عَلَيْكَ فَإِنَّما أَنا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كانَتْ تَأْكُلُ الْقَديدَ في هذِهِ الْبَطْحاءِ}[5]هذه الهيبة كانت مع الأعداء واسمعوا لرواية عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ{ قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟ قَالَ: لاَ وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ} [6]أخلاق مدحه بها العزيز الخلاق وقال فى وصفه{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }كان على خلق عظيم صلوات ربى وتسليماته عليه هذه الهيبة التى كانت مع رسول الله كانت أيضاً مع الثلة المباركة حوله وهم صحابة رسول الله كان الأعداء عندما يسمعون عن وجود خالد بن الوليد فى مكان يُعلنون الاستسلام قبل أن يجيئهم خالد بوقت طويل خوفاً منه حتى أنه ذات مرة فى معركة تسمى معركة اليرموك بين المسلمين والروم وكان عدد الروم أربعمائة ألف ومعهم أسلحة عتيدة والمسلمين بقيادة خالد ثلاثون ألفاً وليس معهم مثل الذى مع الأعداء فأراد أحد قادة الروم الكبار أن يرى سيف خالد بن الوليد فسألوه لماذا؟ قال: لأنى سمعت أن سيف خالد أحضرته له الملائكة ولذلك ينتصر فى كل معاركه فدخل على سيدنا خالد وأعطاه السيف فوجده عادياً بل أقل من العادى بالنسبة لهم فعرف أن الشأن ليس شأن السيف ولكن الشأن شأن من يُمسك بالسيف وعرف أن الموضوع هو الهيبة التى ألقاها الله على خالد كما ألقاها على رسول الله كما ألقاها على كل جند الله فكان كل جندى يذهب إلى أى مكان تسبق هيبته إلى قلوب الأعداء فتجعلهم يستسلمون بلا قتال بسبب الهيبة التى أيدهم الله بها وجعلهم من أهلها متابعة للحبيب من الجنود التى أيَّد بها الله رسوله فى القرآن أن الله جعل المؤمن بعشرة{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}فالواحد بعشرة، من أين هذا الصبر؟{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ}هذا الصبر الذى يبعثه للإنسان هو الله ومن حكمة الله التى شمل بها المسلمين أجمعين – حتى العصاة والمذنبين اكراماً لسيد الأولين والآخرين – أن أى مسلم فى أى زمان أو مكان قبل أن تنزل به كارثة أو مصيبة يبعث الله له فى داخله مدد من صبر رب العالمين يبعث الله له الصبر أولاً فإذا نزلت به المصيبة تجده جاهزاً ومستعداً ومتأهل لا يفزع ولا يهلع ولا يُصيبه ما يصيب الآخرين من الكافرين والمنافقين وغير المُسَلِمين لرب العالمين هذا الصبر يعطيه الله لنا لنتحمل به المصائب هذا الصبر الذى كان يعطيه الله لسيدنا رسول الله ولأصحابه فى القتال وفى حرب الأعداء كان بالنسبة لرسول الله قدر الصبر الذى أعطاه الله لكل أنبياء الله ورسل الله{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}صبر رسول الله قدر صبر كل أنبياء الله ورسل الله بما فيهم أيوب الذى نضرب به المثل فى الصبر والمسلمين العاديين كان يعطيهم الله صبر قدر عشرة فى ميدان القتال أما المؤمن القوى فيعطيه الله أكثرولذلك سيدنا علىّ وغيره من أصحاب رسول الله بل النساء من أصحاب رسول الله كانوا فى ميدان القتال الواحد منهم قدر مائة من الفرسان الشجعان فى قتال الأعداء من أين ذلك؟الطاقة الجسمانية ضعيفة والغذاء لا يكفى لكن التموين الداخلى وهو الصبر النازل من عند ملك الملوك يجعل الواحد منهم قوته كقوة المَلَك فى جلاده وحربه مع الأعداء والكافرين ففى غزوة خيبر كان الأعداء يحتمون داخل البلدة بسور عالٍ والمسلمون خارجه ولا يستطيعون دخوله فقال رسول الله {لأُعطِينَّ الرايةَ غداً رجلاً يَفتحُ اللهُ على يديهِ يُحِبُّ اللهَ ورسوله ويُحبُّه اللهُ ورسولهُ} [7]فبات أصحاب رسول الله يتمنى كل واحد منهم أن يكون هذا الرجل قال سيدنا عمر: ماتمنيت الإمارة فى يوم إلا فى ذلك اليوم لماذا؟ للوصف الذى وصف به رسول الله هذا الفارس القائد وفى الصباح قال رسول الله : أين علىّ؟ قالوا: إنه أرمد يا رسول الله قال: هاتوه فأخذ النبى من ريقه ووضع فى عين الإمام علىّ فشُفيت فى الحال بإذن الله وأعطاه الراية سيدنا علىّ كان يحارب بسيفين سيف باليمين وسيف باليسار – وهذه كانت من مقدراته وطاقاته الحربية الجبارة – فحارب على باب الحصن يريد أن يفتحه إلى أن تكسر السيفين فأمسك بالباب وشدَّه فخلعه وحمله يحتمى به من سيوف الأعداء ودخل المسلمون من تحت الباب حتى فتح الله الحصن وبعد أن فتحوا الحصن جاء ثلاثين رجلاً ليُحركوا الباب ليضعوه مكانه فلم يستطيعوا إذاً كيف حمله الإمام علىّ وكان يحارب به؟ حتى نعرف مدد الصبر الذى أمده الله به مدد إلهى كان الله يمد به رسول الله وأصحابه المباركين فى كل وقت وحين هذه الجنود هى التى يقول الله فيها{وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا}جنود لاعدَّ لها ولا حد كانت تؤيد رسول الله وتعضد رسول الله وكذلك أصحابه المباركين فى كل وقت وحين كان بعضهم يؤيده الله فى المعارك بالرؤيا الصالحة ذهب سيدنا سعد بن أبى وقاص ليحارب الفرس فى عهد سيدنا عمر وجاء الفرس له بقائد يُسمى رستم وجمعوا له ما لا يُعد من الجند وأحضروا له أفيال مدربة لتحارب بخراطيمها وعلى كل فيل خيمة فيها عشر جنود وكان بينهم وبين سيدنا سعد نهر دجلة فقاموا بقطع كل الجسور التى على النهر وأخذوا كل السفن ناحيتهم حتى لا يستطيع أن يعبرففكر سيدنا سعد وهؤلاء إذا فكروا فإنهم يدفعون الأمر إلى من يقول للشئ كن فيكون فلابد أن يستعين بالله وأن يطلب الإغاثة والنصرة من الله{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}فرأى فى نومه أنه وجنوده يعبرون نهر دجلة على أقدامهم – هؤلاء القوم يعيشون فى الصحراء فلا يُجيدون السباحة وجِمالهم لا تعرف السباحة فجمع قادته وأخبرهم برؤياه ولم يكذبوه بل فعلوا ما إلهمه الله به ونصرهم الله نصرا عزيزا مؤزراً حتى كوبا واحدا لم يفقدوه فى الماء وأبين ذلم بتوضيح بسيط فى الصباح وقف الجيش وعدده ثلاثون ألفاً على النهر وقالوا جميعاً(بسم الله حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير)وألقوا بأنفسهم فى النهر فحملهم الماء بإذن الله والذى كان يركب جملاً نزل به والذى كان يركب فرساً نزل به ومشوا فى قلب النهر وهم يتكلمون مع بعضهم والذى كان يتعب منهم كان من عناية الله أنه يجد جزيرة تخرج له من النهر وعليها تراب يابس ليستريح عليها وبعد أن يستريح ويستمر فى مشيه تختفى هذه الجزيرة تأييد من الله جل فى علاه وبعد أن عبروا النهر قال لهم: تمموا على حاجاتكم فقال أحدهم: ضاع منى الكوب الذى أشرب فيه فرفع هذا الرجل يديه إلى الله وقال يارب فجاءت موجة فى النهر حملت الكوب وألقته فى حجره: ما هذا؟{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}إذن نفس التأييد الذى كان مع رسول الله كان مع جند الله من يمشون على منهج حبيب الله وعلى منهج كتاب الله وأملهم وطلبهم كله مرضاة الله بعد إخلاص العمل والصدق مع الله ما بيننا وبين أن نكون من الذين ينصرهم الله ويؤيدهم الله فى كل أحوالهم ويرعاهم الله فى كل شئونهم ويستجيب لهم كل دعاءهم ويحقق لهم كل آمالهم إلا أن نهاجر الهجرة التى بينها لنا سيدنا رسول الله فى حديثه الكريم فعندما دخل مكة فاتحاً صلوات ربى وتسليماته عليه أعلن وقف الهجرة المكانية أى من مكة أو من أى موضع بالجزيرة العربية إلى المدينة المنورة وفتح باب الهجرة المعنوية إلى يوم الدين فقال صلوات ربى وتسليماته عليه{لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ ولكنْ جِهادٌ ونيَّة} [8]وقال{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ} [9]فالمهاجر منذ فتح مكة إلى يوم الدين هو الذى يهجر المعاصى والفتن ما ظهر منها وما بطن هو الذى يهجر قالة السوء كل القول الذى نهى عنه الحبيب، قول الزور والكذب والفجور وكل ما يؤذى المسلمين ويُشوش على المؤمنين والذى أشار إليه فى قوله{ المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ} [10]ما الذى يؤذى الإنسان المسلم من لسان أخيه؟ وضح ذلك فى الحديث الآخر صلوات ربى وتسليماته عليه فقال{لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ ولاَ اللَّعَّانِ ولا الفَاحِشِ ولا البَذِيِّ}[11]لا يسب أحداً من خلق الله فضلاً عن الإنسان الذى كرمه الله ولا يلعن شيئاً من الخيرات والبركات التى سخرها له الله ولا يصدر من لسانه أى كلمة فاحشة جافية أو نابية أو لاغية تؤذى الآخرين وتضره وتُسَود صحائفه التى يلقى بها رب العالمين ولا يصدر من لسانه الكلام البذئ الذى تستوحش منه الآذان والذى تفر منه الأبدان وإنما يهاجر المسلم دوماً فى كل أقواله إلى قول الرحمن فى القرآن{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}لا يخرج منه إلا الكلام الطيب الذى يُطيب النفوس والذى يشرح الصدور والذى يؤلف القلوب والذى ينزع الإحن من الصدور والذى يجعل بنى الإنسان الحياة بينهم ألفة ومودة وصفاء وسرور وحبور إن معظم مشاكل الناس فى زماننا وفى كل زمان من اللسان فلو ملَك الإنسان لسانه فإن الناس جميعاً يحبونه ولا شك فهذه صفة المؤمن فالمؤمن الحق هو الذى مَلَك لسانه لا يصدر منه غيبة ولا نميمة ولا سب ولا شتم ولا وقيعة بأى صورة من الصور لأى رجل من المسلمين ولذلك يقول الإمام علىّ عندما سُئل وقيل له: يا إمام مَن هم أولياء الله الذين يحبهم الله ؟ فقال {هم الذين أنفسهم عفيفة وحاجاتهم خفيفة الناس منهم فى راحة وأنفسهم منهم فى عناء}إذا سَلم الإنسان من لسانه فبَشِّره بأن الله قد اختاره واجتباه وجعله حبيباً مقرباً لحضرة الله جل فى علاه هذا الإمام البخارى حضرته سكرات الموت وجلس حوله طلابه يبكون على فراقه فقال لهم: لِمَ تبكون وها أنا ذا تُطوى صحيفتى ولم يُكتب لى فيها طوال حياتى غيبة واحدة ولا كذبة واحدة صحيفته طول حياته لم يُكتب فيها غيبة لمسلم ولا كذبة على مسلم مع أنه كان عالماً فى علوم الحديث فكان يتداول سيرة الرواه فلان عن فلان ويتحرى عن كل راوٍ ليتأكد من صدقه فى أقواله وأفعاله و أحواله فقد ذهب فى إحدى رحلاته إلى حضرموت الآن ليسمع حديثاً بلغه أن هناك رجلاً يرويه وعندما وصل سأل عن الرجل فأشاروا إليه فوجد الرجل يجرى حول جمل له فرَّ منه مسرعاً وأمسك الرجل حجره ليوهم الجمل أن حجره فيه طعام، فلما تبين خلو حجره قال: تخدع هذه البهيمة، لا أسمع منك حديث رسول الله ومع ذلك لم يُروى عنه فى حياته كذبة واحدة ولا غيبة واحدة أين نحن من هؤلاء؟ إذا أردنا أن ينصرنا الله كما نصرهم وأن يُعزنا كما أعزهم وأن يكرمنا كما أكرمهم فعلينا أن نقتدى بهديهم وأن نتبع أفعالهم وأن نكون كما كانوا{صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}فنهجر المعاصى والفتن بالكلية ونُقبل بصدق وإخلاص على رب البرية
[1] مسند الامام احمد وصحيح ابن حبان وسنن ابن ماجة وغيرهم عن أبى هريرة [2] مسند الإمام أحمد والبيان والتعريف عن ابن عبـاس، قال: كنت خـلف النبـي يوماً، فقال: «يا غُلامُ إنِّـي أُعَلِّـمُكَ كَلِـمَاتٍ، احْفَظِ الله تَـجِدْهُ أَمَامَكَ. تَعَرَّفْ إِلَـى الله فِـي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِـي الشِّدَّةِ، وَاعْلَـمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَـمْ يَكُنْ لِـيُخْطِئَكَ، وَاعْلَـمْ أَنَّ النَّصَرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً». [3] سبق وأوردنا أن هذه المخلوقات ربما كانت ملائكة تشكلت كما ورد فى (السيرة الحلبية) وهذه كلها مشاهد فى نصرة الحبيب كما أشهدها الله أهله [4] الصحيحين البخارى ومسلم عن جابر بن عبد الله [5] المستدرك على الصحيحين عن عبدالله بن جرير. [6] رواه الإمام البخارى ومسلم. [7] صحيح مسلم عن سعد بن أبى وقاص يقول سمعت رسول الله يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ. فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ. فَفَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ». [8] صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهم. [9] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم. [10] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم. [11] سنن الترمذى عن عبد الله بن مسعود | |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ السبت ديسمبر 17, 2011 5:54 am | |
| حسن التوكل على الله
إن الله كان قبل الهجرة بعام أخذ حبيبه فى رحلة الإسراء والمعراج أخذه من مكة إلى بيت المقدس ومن بيت المقدس إلى السموات العلى سماءاً تلو سماء وكما قال{بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام} [1]اجتاز كل هذه السموات ودخل الجنات وذهب إلى العرش ثم تجاوز العرش إلى قاب قوسين أو أدنى ورجع وفراشه الذى كان ينام عليه لم يبرد بعد رب العزة الذى فعل معه ذلك لماذا جعله يخرج والقوم يتربصون به؟ ويختبأ فى الغار ثلاثة أيام؟ ثم يسلك طريقاً غير الطريق الذى يمشى فيه سائر الأنام؟وتستمر الهجرة من مكة إلى المدينة لمدة أسبوع على التمام؟ليوضح لنا الله أجمعين ونحن أمة الإجابة آمنا بالله وصدقنا برسول الله وفوضنا أمورنا كلها إلى حضرة الله وتوكلنا فى كل أحوالنا وأعمالنا على الله، فالله يضرب لنا المثل فى حبيبه ومصطفاه أن من اعتمد على الله كفاه مولاه كل هم وكل غم وفرَّج الله عنه كل الشدات والكربات كما فعل تماماً بتمام مع الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وانتبه معى إلى قول الله لنا وللمعاصرين للنبى الأمين من عاونوه ومن تخلوا عنه ومن حاربوه يخاطب الكل فيقول{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}لم يقل الله(فقد ينصره الله) لأن معناها أن النصر سيأتى فى المستقبل لكن الله أخبر فى كتابه وكتابه قبل القبل أنه نصر حبيبه قبل خلق الخلق قبل إيجاد الأكوان وقبل إيجاد أى شئ فى عالم الدنيا جعل الله حبيبه منصوراً أينما حلَّ وأينما ذهب وحيثما كان نصره الله فكفاه شر أعداءه فخرج من بينهم وهم متربصون بالبيت ويترقبون خروجه وأخذ الله أبصارهم فلم يرونه وذهب النبى وتكفل الله بحمايته حماه فى الغار وحماه عندما خرج من الغار وهو سائر فى الطريق إلى الأنصار وجعل من جملة جنده الذين يؤيدونه ويدفعون عنه الأرض فقال له الأمين جبريل:الأرض طوع أمرك فمُرها بما شئت فمن لحقه منهم قال للأرض: خذيه فانشقت وأخذته فلما استغاث به قال لها: دعيه، فتركته فلما عاود ما فى ذهنه قال لها: خذيه فأخذته وتكرر الأمر منه إلى الأرض ثلاث مرات وهى لا تعصى له أمراً لأن الله أمرها أن تكون طوع أمره ثم تاب هذا الرجل من فعله وجعله الله جندياً يدافع عن النبى فذهب إلى قومه وعَمَّى عنهم الطريق الذى سلكه النبى وكلما سألوه عن الطريق الذى سار فيه يقول لهم:أنا مشيت فى هذا الطريق ولم أجد فيه أحد فاذهبوا إلى غيره فكانت عناية الله معه أينما حلَّ وكيفما صار: وقاية الله أغنت عن مضاعفة ة من الدروع وعن عال من الأطم فالصدق فى الغار والصديق لم يرما وهم يقولون ما بالغار من إرم ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم حماه الله بما علمناه جميعاً ثم أراد الله إعزازه عند دخول المدينة المنورة فلم يجعله يدخل دخول الخائفين أو الفارين وإنما جعله يدخل دخول الفاتحين فانظر معى إلى عناية الله فى تجميل نبيه وصفيه ليدخل المدينة دخول الفاتحين سمعت قبيلة اسمها أسلم عن الجائزة التى جهزها الكفار لمن يأتى بالنبى حياً أو ميتاً فخرج رجل منهم يُسمى بُريدة الأسلمى ومعه سبعين رجلاً مدججين بالسلاح يبحثون عن النبى فى الطريق الذى سلكه ليظفروا بالجائزة وبينما هم سائرون إذا بالنبى أمامهم فقال له: مَن الرجل؟قال: بُريده، فالتفت إلى أبى بكر وقال: بَرُد أمرك يا أبا بكر ثم قال للرجل: ممن الرجل؟ أى من أى قبيلة؟قال: من أسلم فالتفت إلى أبى بكر وقال: سلمت يا أبا بكر فقال الرجل: ومَن أنت؟ قال: أنا محمد رسول الله لم يتنكر ولم يتخفى لأنه يعلم أن الله يؤيده ويعززه وينصره – فشرح الله صدر الرجل للإسلام وشرح الله صدور من معه للإسلام فدخل السبعون فى الإسلام وقال الرجل: يا رسول الله أتدخل المدينة هكذا؟لا والله لا يكون فخلع رباط عمامته – الشال الذى يضعه على عمامته – وركزه على رمحه على هيئة عَلَم وصفَّ السبعين رجلاً وقسمهم إلى صفين صف عن اليمين وصف عن اليسار وقال: يا رسول الله أنا أتقدم أمامكم وأنت تمشى فى مؤخرة الصفين ليدخل المدينة دخول الفاتحين ومعه كتيبة جهزها له رب العالمين، ليكون بذلك إعزازاً لحضرته وتقويةً لإرادته وعبرة لنا أجمعين لنتقى الله ونعلم صدق قول رب العالمين{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وسار النبى بهذه الكتيبة الإلهية هل يدخل المدينة بهذه الهيئة وثيابه كانت تغيرت من أثر السفر؟قيَّد الله وهو العزيز أن يُعز نبيه فكان عبد الرحمن بن عوف فى تجارة فى بلاد الشام ووجد ثوباً لا يصلح إلا للملوك فقال فى نفسه: أشترى هذا الثوب لرسول الله وكان الزبير بن العوام أيضاً فى بلاد الشام ورأى ثوباً آخر يضاهى الأول من ثياب الملوك فقال: أشتريه لرسول الله لأن هذا الثوب لا يليق أن يلبسه إلا حضرة النبى وقبل مدخل يثرب بقليل إذا بعبد الرحمن بن عوف وإذا بالزبير بن العوام ومعهم الثياب المخصصة للملوك فجاء الإثنين معاً وقالا: يا رسول الله لا تدخل المدينة بهذه الهيئة ولكن البس هذه الثياب التى لا تليق إلا بالملوك لأن الله يُعزك دوماً وينصرك أبداً على الدوام فلبس النبى ثياب الملوك ومشى والجند عن يمينه وعن يساره داخلاً المدينة المنورة فى بيت من ينزل حضرة النبى؟ من يحظى بهذا الشرف؟ كان الأنصار أجمعين حريصين على هذا الشرف الكبير فوقف كل رجل منهم أمام داره ينتظر موكب النبى ويَعزم عليه أن ينزل فى ضيافته ويقول: يا رسول الله انزل هاهنا هنا كرم الضيافة هنا العدد وهنا العدة هنا أهلك وذويك هنا ناصروك ولكن النبى يشير إلى الناقة ويقول: دعوها فإنها مأمورة ومشت الناقة حتى أتت إلى مكان كانوا يضعون فيه البلح ليجف ويصير تمراً وبركت فى هذا الموضع وجاء الجميع يتسابق لأخذ عتاد رسول الله ليكون عندهم فسبقهم أبو أيوب الأنصارى وأخذ عتاد النبى عنده وذهبوا للنبى فقال: الرجل ينزل حيث ينزل رحله ثم دخل عند أبى أيوب وقال: يا أبا أيوب أين كتاب تُبَّعْ؟ فقال: يا رسول الله والذى بعثك بالحق إننا دائماً وأبداً نزيد فيك يقيناً ما قصة كتاب تُبَّع؟ تُبَّع رجل غزا المدينة قبل هجرة النبى بثلاثمائة عام وكان اليهود هاجروا إلى المدينة لعلمهم أنها موطن هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين فلما أراد تُبع دخولها أرسلوا إليه وقالوا: إنك لن تستطيع دخولها لأنها موضع هجرة النبى الذى سيبعث فى آخر الزمان وذكروا له أوصافه التى قال الله عنها فى القرآن ومعرفتهم برسول الله{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}وكان تُبع معه جمع من العلماء يسيرون معه فجمعهم فسألهم فصدَّقوا ما قال اليهود فبنى لكل رجل من هؤلاء العلماء بيتاً فى المدينة من طابق واحد وأعطاه زاداً ونفقة وزوَّجه بجارية وأمره أن يقيم إلى حين بعثة النبى فينصر النبى وبنى لزعيم العلماء بيتاً من طابقين وقال له: هذا البيت أمانة عندك فإنى قد بنيته للنبى فهو ملك للنبى ولذلك ذكره فيما معناه{أول من آمن بى تُبَّع}وترك رسالة وجعلها فى حُقٍ من زمرد عند هذا الرجل زعيم العلماء كتب فيها [2]: شَهِدتُّ عَلَى أَحْمَدٍ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِي النَّسَم فَلَوْ مُدَّ عُمْرِي إلَى عُمْرِهِ كُنْتُ وَزِيراً لَهُ وَابْن عَمّ وجَالدتُ بالسْيفِ أعداءه وفَرجُتُ عن صَدْرهِ كل هم فاطَّلع النبى على الرسالة وعلِم أنه نزل فى بيته الذى بناه المليك له ولم ينزل فى بيت أحد غيره وكان هؤلاء العلماء هم الذين تناكح وتناسل منهم الأنصار الذين آوو النبى ونصروه كان هذا إعجازالله للنبى لنعلم علم اليقين أن كل من يمشى على منهج هذا النبى ويتقى الله جل فى علاه ويصنع فى كل أحواله ما يحبه الله ويرضاه يتأسى فى كل أحواله بحبيب الله ومصطفاه فإن عناية الله لا تتخلف عنه نَفَساً فى هذه الحياة كذا أُمة النبى لو صاروا أجمعين على نهج النبى وأقاموا شرع الله بينهم وجعلوا كتاب الله حَكَماً لهم فى كل أحوالهم فإن الله يدفع عنهم كل أعداءهم وينصرهم على كل من عاداهم ويجعل بلادهم مملوءة بالخيرات والمبرات{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
[1] تهذيب سنن أبي داوود والأسماء والصفات للبيهقي عن عبدالله بن مسعود
[2] تفسير القرطبي وابن كثير (سورة الدخان).
| |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ السبت ديسمبر 17, 2011 6:25 am | |
| حسن التوكل على الله
إن الله كان قبل الهجرة بعام أخذ حبيبه فى رحلة الإسراء والمعراج أخذه من مكة إلى بيت المقدس ومن بيت المقدس إلى السموات العلى سماءاً تلو سماء وكما قال{بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام} [1]اجتاز كل هذه السموات ودخل الجنات وذهب إلى العرش ثم تجاوز العرش إلى قاب قوسين أو أدنى ورجع وفراشه الذى كان ينام عليه لم يبرد بعد رب العزة الذى فعل معه ذلك لماذا جعله يخرج والقوم يتربصون به؟ ويختبأ فى الغار ثلاثة أيام؟ ثم يسلك طريقاً غير الطريق الذى يمشى فيه سائر الأنام؟وتستمر الهجرة من مكة إلى المدينة لمدة أسبوع على التمام؟ليوضح لنا الله أجمعين ونحن أمة الإجابة آمنا بالله وصدقنا برسول الله وفوضنا أمورنا كلها إلى حضرة الله وتوكلنا فى كل أحوالنا وأعمالنا على الله، فالله يضرب لنا المثل فى حبيبه ومصطفاه أن من اعتمد على الله كفاه مولاه كل هم وكل غم وفرَّج الله عنه كل الشدات والكربات كما فعل تماماً بتمام مع الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وانتبه معى إلى قول الله لنا وللمعاصرين للنبى الأمين من عاونوه ومن تخلوا عنه ومن حاربوه يخاطب الكل فيقول{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}لم يقل الله(فقد ينصره الله) لأن معناها أن النصر سيأتى فى المستقبل لكن الله أخبر فى كتابه وكتابه قبل القبل أنه نصر حبيبه قبل خلق الخلق قبل إيجاد الأكوان وقبل إيجاد أى شئ فى عالم الدنيا جعل الله حبيبه منصوراً أينما حلَّ وأينما ذهب وحيثما كان نصره الله فكفاه شر أعداءه فخرج من بينهم وهم متربصون بالبيت ويترقبون خروجه وأخذ الله أبصارهم فلم يرونه وذهب النبى وتكفل الله بحمايته حماه فى الغار وحماه عندما خرج من الغار وهو سائر فى الطريق إلى الأنصار وجعل من جملة جنده الذين يؤيدونه ويدفعون عنه الأرض فقال له الأمين جبريل:الأرض طوع أمرك فمُرها بما شئت فمن لحقه منهم قال للأرض: خذيه فانشقت وأخذته فلما استغاث به قال لها: دعيه، فتركته فلما عاود ما فى ذهنه قال لها: خذيه فأخذته وتكرر الأمر منه إلى الأرض ثلاث مرات وهى لا تعصى له أمراً لأن الله أمرها أن تكون طوع أمره ثم تاب هذا الرجل من فعله وجعله الله جندياً يدافع عن النبى فذهب إلى قومه وعَمَّى عنهم الطريق الذى سلكه النبى وكلما سألوه عن الطريق الذى سار فيه يقول لهم:أنا مشيت فى هذا الطريق ولم أجد فيه أحد فاذهبوا إلى غيره فكانت عناية الله معه أينما حلَّ وكيفما صار: وقاية الله أغنت عن مضاعفة ة من الدروع وعن عال من الأطم فالصدق فى الغار والصديق لم يرما وهم يقولون ما بالغار من إرم ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم حماه الله بما علمناه جميعاً ثم أراد الله إعزازه عند دخول المدينة المنورة فلم يجعله يدخل دخول الخائفين أو الفارين وإنما جعله يدخل دخول الفاتحين فانظر معى إلى عناية الله فى تجميل نبيه وصفيه ليدخل المدينة دخول الفاتحين سمعت قبيلة اسمها أسلم عن الجائزة التى جهزها الكفار لمن يأتى بالنبى حياً أو ميتاً فخرج رجل منهم يُسمى بُريدة الأسلمى ومعه سبعين رجلاً مدججين بالسلاح يبحثون عن النبى فى الطريق الذى سلكه ليظفروا بالجائزة وبينما هم سائرون إذا بالنبى أمامهم فقال له: مَن الرجل؟قال: بُريده، فالتفت إلى أبى بكر وقال: بَرُد أمرك يا أبا بكر ثم قال للرجل: ممن الرجل؟ أى من أى قبيلة؟قال: من أسلم فالتفت إلى أبى بكر وقال: سلمت يا أبا بكر فقال الرجل: ومَن أنت؟ قال: أنا محمد رسول الله لم يتنكر ولم يتخفى لأنه يعلم أن الله يؤيده ويعززه وينصره – فشرح الله صدر الرجل للإسلام وشرح الله صدور من معه للإسلام فدخل السبعون فى الإسلام وقال الرجل: يا رسول الله أتدخل المدينة هكذا؟لا والله لا يكون فخلع رباط عمامته – الشال الذى يضعه على عمامته – وركزه على رمحه على هيئة عَلَم وصفَّ السبعين رجلاً وقسمهم إلى صفين صف عن اليمين وصف عن اليسار وقال: يا رسول الله أنا أتقدم أمامكم وأنت تمشى فى مؤخرة الصفين ليدخل المدينة دخول الفاتحين ومعه كتيبة جهزها له رب العالمين، ليكون بذلك إعزازاً لحضرته وتقويةً لإرادته وعبرة لنا أجمعين لنتقى الله ونعلم صدق قول رب العالمين{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وسار النبى بهذه الكتيبة الإلهية هل يدخل المدينة بهذه الهيئة وثيابه كانت تغيرت من أثر السفر؟قيَّد الله وهو العزيز أن يُعز نبيه فكان عبد الرحمن بن عوف فى تجارة فى بلاد الشام ووجد ثوباً لا يصلح إلا للملوك فقال فى نفسه: أشترى هذا الثوب لرسول الله وكان الزبير بن العوام أيضاً فى بلاد الشام ورأى ثوباً آخر يضاهى الأول من ثياب الملوك فقال: أشتريه لرسول الله لأن هذا الثوب لا يليق أن يلبسه إلا حضرة النبى وقبل مدخل يثرب بقليل إذا بعبد الرحمن بن عوف وإذا بالزبير بن العوام ومعهم الثياب المخصصة للملوك فجاء الإثنين معاً وقالا: يا رسول الله لا تدخل المدينة بهذه الهيئة ولكن البس هذه الثياب التى لا تليق إلا بالملوك لأن الله يُعزك دوماً وينصرك أبداً على الدوام فلبس النبى ثياب الملوك ومشى والجند عن يمينه وعن يساره داخلاً المدينة المنورة فى بيت من ينزل حضرة النبى؟ من يحظى بهذا الشرف؟ كان الأنصار أجمعين حريصين على هذا الشرف الكبير فوقف كل رجل منهم أمام داره ينتظر موكب النبى ويَعزم عليه أن ينزل فى ضيافته ويقول: يا رسول الله انزل هاهنا هنا كرم الضيافة هنا العدد وهنا العدة هنا أهلك وذويك هنا ناصروك ولكن النبى يشير إلى الناقة ويقول: دعوها فإنها مأمورة ومشت الناقة حتى أتت إلى مكان كانوا يضعون فيه البلح ليجف ويصير تمراً وبركت فى هذا الموضع وجاء الجميع يتسابق لأخذ عتاد رسول الله ليكون عندهم فسبقهم أبو أيوب الأنصارى وأخذ عتاد النبى عنده وذهبوا للنبى فقال: الرجل ينزل حيث ينزل رحله ثم دخل عند أبى أيوب وقال: يا أبا أيوب أين كتاب تُبَّعْ؟ فقال: يا رسول الله والذى بعثك بالحق إننا دائماً وأبداً نزيد فيك يقيناً ما قصة كتاب تُبَّع؟ تُبَّع رجل غزا المدينة قبل هجرة النبى بثلاثمائة عام وكان اليهود هاجروا إلى المدينة لعلمهم أنها موطن هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين فلما أراد تُبع دخولها أرسلوا إليه وقالوا: إنك لن تستطيع دخولها لأنها موضع هجرة النبى الذى سيبعث فى آخر الزمان وذكروا له أوصافه التى قال الله عنها فى القرآن ومعرفتهم برسول الله{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}وكان تُبع معه جمع من العلماء يسيرون معه فجمعهم فسألهم فصدَّقوا ما قال اليهود فبنى لكل رجل من هؤلاء العلماء بيتاً فى المدينة من طابق واحد وأعطاه زاداً ونفقة وزوَّجه بجارية وأمره أن يقيم إلى حين بعثة النبى فينصر النبى وبنى لزعيم العلماء بيتاً من طابقين وقال له: هذا البيت أمانة عندك فإنى قد بنيته للنبى فهو ملك للنبى ولذلك ذكره فيما معناه{أول من آمن بى تُبَّع}وترك رسالة وجعلها فى حُقٍ من زمرد عند هذا الرجل زعيم العلماء كتب فيها [2]: شَهِدتُّ عَلَى أَحْمَدٍ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِي النَّسَم فَلَوْ مُدَّ عُمْرِي إلَى عُمْرِهِ كُنْتُ وَزِيراً لَهُ وَابْن عَمّ وجَالدتُ بالسْيفِ أعداءه وفَرجُتُ عن صَدْرهِ كل هم فاطَّلع النبى على الرسالة وعلِم أنه نزل فى بيته الذى بناه المليك له ولم ينزل فى بيت أحد غيره وكان هؤلاء العلماء هم الذين تناكح وتناسل منهم الأنصار الذين آوو النبى ونصروه كان هذا إعجازالله للنبى لنعلم علم اليقين أن كل من يمشى على منهج هذا النبى ويتقى الله جل فى علاه ويصنع فى كل أحواله ما يحبه الله ويرضاه يتأسى فى كل أحواله بحبيب الله ومصطفاه فإن عناية الله لا تتخلف عنه نَفَساً فى هذه الحياة كذا أُمة النبى لو صاروا أجمعين على نهج النبى وأقاموا شرع الله بينهم وجعلوا كتاب الله حَكَماً لهم فى كل أحوالهم فإن الله يدفع عنهم كل أعداءهم وينصرهم على كل من عاداهم ويجعل بلادهم مملوءة بالخيرات والمبرات{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
[1] تهذيب سنن أبي داوود والأسماء والصفات للبيهقي عن عبدالله بن مسعود
[2] تفسير القرطبي وابن كثير (سورة الدخان).
| |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد: ثَانِيَ اثْنَيْنِ الأحد ديسمبر 18, 2011 4:29 am | |
| | |
|
| |
حسن العجوز
~[عضو جديد]~
عدد المشاركات : 11 نقاط : 13
| موضوع: رد ثَانِيَ اثْنَيْنِ الأحد ديسمبر 18, 2011 4:43 am | |
| منهج الاصلاح الاجتماعى
أما العبرة التى نأخذها لإصلاح حياتنا وإصلاح مجتمعنا، ونأخذها من مجتمع المهاجرين والأنصار الذى لو صرنا علىهداه فى أى زمان أو مكان لنصرنا اللهكما نصرهم ولأعزنا كما أعزهم، ولهدانا كما هداهم ولمَكَّن الله لنا فى الأرض كما مكَّن لهم، كيف نصلح مجتمعنا ويصير مجتمع نورانى ربانى مثل مجتمع المدينة المنورة التى فتحها سيدنا رسول الله وبينها القرآن؟حتى يكون المجتمع فى الدنيا فى رغدالعيش وفى خيرات وبركات وفىصالحات وفى طاعاتولا يوجد بين الناس مشكلات ولا معارك ولا غش ولا غير ذلك بيَّن الله ذلك فى ثلاث أشياء بِم وصف الله الأنصار؟{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ} أول صفة{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} والصفة الثانية{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّاأُوتُوا} الصفة الثالثة{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذه هى الصفات لو اتبعت فى أى مجتمع فإنه سيكون فى الدنيا فى أرغد عيش وفى أسعد حال وفى الآخرة يكون أهله هم أهل النجاة والفلاح عند المليك الفتاح الصفة الأولى{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}وهى التى نحتاج إليها جميعاً كان حضرة النبى حريص على أن يُجرى لكل من يدخل فى الإسلام عملية فى قلبه فينزع حب الدنياويضع حب الله ورسوله كل المشاكل التى بين الناس سببها حب الدنيا فقال{حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ} [1] فأى خطيئة بين الأخ وأخيه وبين الإبن وأبيه وبين الزوج وزوجته وبين الجار وجاره وبين أى إنسان فى أى زمان ومكان سببها حب الدنيا لأن ذلك يجعل الناس تقع فى بعض ثم يكيدون لبعض ولا مانع من أن يتطاولون على بعض ثم بعد ذلك لا مانع من أن يشتكون بعض ثم لا مانع بعد ذلك من الافتراء على بعض حتى يؤيدوا شكاياهم على بعض وكل ذلك سببه حب الدنيا لذلك أول شئ كان يفعله رسول الله مع أصحابه ينزع من قلوبهم حب الدنيا ويضع مكانه حب الله ورسوله وحب كتاب الله وحب المؤمنين نحن جميعا نقول أننا نحب الله ورسوله رسول الله أعطانا ترمومتر نقيس به هذا الحب فقال{والله لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِأَجْمَعِينَ } [2] أنت تحب حضرة النبى ولكن تحب نفسك أكثر إذاً هذا الحب غير مضبوط كيف تحب نفسك أكثر من حضرة النبى؟ تحب نفسك لأنك تضرب بسنة حضرة النبى عرض الحائط من أجل مصلحتك مع أنك تعرف أنه مخالف للسنة لكن الذى يحب حضرة النبى يعظم السُنة وحتى قال فى ذلك بعض الصالحين (حافظ علىالسُنة ولو بُشرت بالجنة) فلابد من المحافظة على السُنة والسُنة مقابلها الهوى كما جاء فى الحديث الآخر {لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ } [3]فالذى ضيَّع الناس الآن هو الهوى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وعندما ننظر فىالمجتمع فإننا نجد أن معظم المشكلات سببها عدم اتباع السنة أو شرع الله لأن هناك شئ من الهوى فلو اتفقنا على سنة رسول الله ففى أى شئ سنختلف؟لن يأتى أى خلاف لكن الخلاف يأتى عندما يكون شخص غير أهل ويُدخل نفسه فى موضع لا يليق أن يكون له وإنما موضع ينبغى أن يكون لغيره مثال ذلك: لما أراد حضرة النبى أن يقوم بعمل إعلان للصلاة وأراد أن يكون هذا الإعلان مخالفاً لليهود والنصارى فطلب من أصحابه أن يبحثوا عن وسيلة فنام جماعة من أصحابه ولأنهم كانوا مع الله كانوا عندما ينامون تصعد أرواحهم إلى الملكوت الأعلى فصعدت روح أحدهم إلى الملكوت ورأىالملائكة فقالوا له: ماذا تريد؟ قال: أريد شيئاً نعلن به عن الصلاة فأعطوه ألفاظ الآذان فاستيقظ الرجل من نومه وذهب إلى رسول الله وقال له: رأيت كذا وكذا رسول الله وضع القاعدة إلى يوم القيامة فلم يقل له أنت الذىتلقيت الآذان قم فأذن ولكن قال له: لقنه بلال فإنه أندى صوتاً منك لو مشينا على هذه القاعدة هل سيحدث خلاف؟ لا لأننا نريد جميعاً رفعة الإسلام. رسول الله وضعالقاعدة الأولى لمنع الخلافات وهى أن نُعظم الله ورسوله ونجعل أمر الله ورسوله هو السائد علينا أجمعين{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}يسلمون لشرع الله الذى جاء به رسول الله فكل مشاكل المسلمين ستنتهى إذا أحببنا الله ورسوله الحب الذى يجعل شرع الله هو المهيمن على حركاتنا وسكناتنا وهو الغالب على أمرنا{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أريد أن أنفذ شرع الله وأريد أن يُنفذ شرع الله فى هذه الحياة وهنا لن أصنع خلاف أو أسمح بخلاف بين المؤمنين وضع حضرة النبى
القاعدة الثانية فقال{لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ} [4]متى يُصبح الإيمان كاملاً؟ إذا أحب الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه إن كان فى الدنيا أو فى الآخرة لو ظهر هذا بيننا جماعة المؤمنين ورجع الحب مرة أخرى مثل الزمن الفاضل فلن تحدث بيننا خلافات وستكون الحياة مثل الجنة لأن الجنة كلها حياة عالية راضية لا تسمع فيها لاغية لأن كل من فيها قال الله فى شأنهم{وَنَزَعْنَا مَا فِيصُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍمُّتَقَابِلِينَ}إذا وضعت فى قلبى الحب فإنه سيكون معه الرحمة والشفقة والعطف والمودة والإيثار ومعه كلالخُلق الكريم لو تركت الحب ووضعتمكانه حب الدنيا فسيكون معه البغضوالكره والحقد والحسد والفرقة والأنانية ومعه كل الصفات الإبليسية إذاً الصفات الطيبة التى تصلح معها كل المجتمعات تأتى مع حب الله ورسوله والصفات التى بها إفساد كلالأماكن والبقاع والمجتمعات تأتى معحب الدنيا ولذلك سيدنا رسول الله قال{كل ما أخشاه عليكم أن توضعالدنيا فى قلوبكم} {مَا سَكَنَ حُبُّالدُّنْيَا قَلْبَ عَبْدٍ إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللَّهُ بِخِصَالٍ ثَلاَثٍ: بِأَمَلٍ لاَ يْبَلُغُ مُنْتَهَاهُ وَفَقْرٌ لاَ يُدْرَكُ غِنَاهُ وَشُغْلٍ لاَ يَنْفَكُّ عَنَاهُ } [5]لو جاءت الدنيا فى قلوبكم فإنه سيحدث ما نراه الآن أما بالنسبة للكافرين واليهود وغيرهم لن يتمكنوا من المسلمين مادامت القلوب تحب الله ورسوله لأن قلوبهم كانت تؤثر رضاء الله على كل شئ فى هذه الحياة ففتحوا الدنيا فى أيام وسنوات معدودات إذن متى جاء ما نحن فيه الآن؟ تنبأ رسول الله بذلك فقال {يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعى عَليْكُم كَمَا تَدَاعى الأكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا فقالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثُيرٌ وَلَكِنَّكُم غُثَاءُ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صُدُورِ عَدُوكُمْ المَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمالَوَهْنَ فقالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله وَمَا الْوَهْنُ؟قالَ:حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُالمَوْتِ} [6]إذن السبب الذى مكن الأعداء منا هو حب الدنيا فالذى يخاف على منصبه والذى يخاف على ماله والذى يخاف على نفسه هذا الخوف هو الذى مكن الأعداء منا وأصبح المسلمين مستضعفين ومستذلين أمام الأعداء وفى داخلهم مع بعضهم هم أعداء أين{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}؟ أين{ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }لو وجدت هذه الآن فلن نجد فى رول المحاكم أى شئ لكن للأسف نجد الآن فى المحاكم الخلافات بين الأب وابنه والأخ وأخيه والجار وجاره على أشياء كلها تافهة من لعاعة الدنيا ومن الجائز أن ينتهى العمر والقضية لم تنتهى ولم يأخذ ما كان يشكو من أجله وحتى لو أخذ ما يريد من الجائز قبل أن يُنفذ الحكم يأتيه أمر رب العالمين فيخرج من الدنيا ولم يحقق ما كان يتمناه ولكنه خرج ومعهحقد على أخيه وحسد وكره وبغضوغير ذلك من الصفات التى يبغضها الله والتى نهى عنها دينه والتى كان يحاربها رسوله كان الأنصار يحبون من هاجر إليهم ولذلك نرى العجب العجاب عندما جاء ضيف لرسول الله فقال : من يُضَيف ضيف رسول الله؟فيقول كل واحد منهم: أنا فيقوم بعمل قرعة بينهم وعندما كان يأتى أى مهاجر إلى المدينة كانت هذه القرعة تتم بين خمسين واحد على الأقل لأن كل واحد منهم يريد أن يحظى بهذه الغنيمة ويريد أن يأخذ أخاه فى الله الذى جاء إلى رسول الله{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}ويأخذ أخاه ويقسم بيته ويقول له: اختر ما تريد ويقسم أمواله نصفين ويخيره بينهما وإذا كان غير متزوج يخيره بين زوجاته ويقول له: التىتعجبك أطلقها ثم تتزوجها بعد العدة هذا هو الإيمان وعلامة الإيمان{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}هذه الآية نزلت فى رجل تعرض ليأخذ ضيف رسول الله وبعد أن ذهب لبيته سأل زوجته عما فى البيت من طعام فقالت: عندنا طعام يكفى لشخص واحد إذا أكل الضيف فسنبيت نحن والأولاد جوعى وإذا أكل الأولاد فلا يوجد طعام للضيف فقال لها: عللى الأولاد حتى يناموا ثم أحضرى الطعام وعندما نجلس لنأكل مع الضيف تظاهرى أنك تصلحى المصباح فتطفئيه ثم نتظاهر أننا نأكل بأسناننا حتى يأكل الضيف ويشبع ما هذا الإلهام؟{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِالْمُتَنَافِسُونَ}هذا التنافس الذى علَّمه لنا رسول الله لما ذبح ذبيحة وأمرعائشة أن توزعها ثم عاد وسألها{«مَا بَقِيَ مِنْهَا؟» قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا قالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفهَا»}[7]{مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ}هذا هو الهدى النبوى الذى علَّمه رسول الله لأصحابه الكرام أجمعين ولكل الأمة من بعدهم إلى يوم الدين قسَّمَ الأنصار مع المهاجرين كل شئ وبعد بضع سنين جاءت غزوة خيبر وغنم فيها المسلمين خيراً كثيراًفأحضر النبى المهاجرين والأنصاروقال للأنصار:ما رأيكم فى أن أوزعالخير الذى جاء عليكم أنتم والمهاجرينويبقى معهم ما تنازلتم عنه لهم؟أو أخص به المهاجرين ويعيدون لكم ماأخذوه منكم فقال الأنصار رضى اللهعنهم أجمعين: لا يا رسول الله ماتنازلنا عنه لله لا نعود فيه أبداً والخيرالذى جاء خُصّْ به المهاجرين هذا هو الإيثار الذى غلبوا به كل المشكلات الإقتصادية والشح هو سبب كل العراقيل والمشاكل الإقتصادية التى عندنا لكنهم مشوا على صفة الإيثار فجعل الله حياتهم كلها خيرات وبركاتوكلها نعيم وجنات ولم يكن فيها لاشكايات ولا قضايا ولا أى شئ{يُحِبُّونَمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَعَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌوَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [1] رواه البيهقي في الشعي عن الحسن [2] سنن النسائي الصغرى عن أنس ورواه البخارى ومسلم بلفظ «لا يُؤْمِنُأَحَدُكُمْ حتى أكونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ والِدِهِوَوَلَدهِ والنَّاس أَجْمَعين» [3] فتح البارى وصححه النووى عنأبى هريرة [4] صحيح مسلم عن أنس بن مالك [5] الدَّيلمي عن أَبي سعيدٍ رضَي اللَّهُ [6] مسند الإمام أحمد عن ثوبان مولى الرسول [7] رواه أحمد والترمذي عن عائشة.
| |
|
| |
madian
~[مؤسس الموقع]~
عدد المشاركات : 628 نقاط : 1175 الاقامه : اليمن / تعز
| موضوع: رد: ثَانِيَ اثْنَيْنِ الإثنين يناير 16, 2012 1:46 am | |
| مشكور على المشاركة المتميزة | |
|
| |
| ثَانِيَ اثْنَيْنِ | |
|