يشهد العمل الإسلامي في جميع أنحاء العالم إقبالا واضحا تضاعفت معه فرص النمو العادي والانتشار الأفقي، وأصبح الشباب يفدون إلى دار الدعوة الإيمانية زمرا ، يجذبهم جمال الإسلام ، وتدفعهم احساسات التوبة، ويرتفع بهممهم وعيهم للحقوق الكامنة في القضايا الإسلامية الموضوعية، كقضايا الحكم والاقتصاد والتربية، أو في القضايا الإسلامية الناتجة عن ظلم واقع أو تحديات جاهلية، كقضايا فلسطين والأفغان وأرتيريا والفليبين، والبوسنة ، وجهود التبشير النصراني في إفريقيا وإندونيسيا، وتسبب الجاليات، والقمع في كل مكان.
وما من ارض إسلامية إلا وقد وصلتها الصحوة رغم الكبت والحصار والفكري والإرهاب النفسي والتضليل الإعلامي، وأفرزت كفراً بالعلمانية، وأوبة إلى الحق فعمرت المساجد بالساجدين، ونبضت فيها عروق جديدة.
وحالة هذا بهاؤها وتبشيرها بالمستقبل إنما تحتاج الرجال القادة الأكفياء الخبراء ، من أجل إدامتها وتنميتها ، ولتكميل العواطف المتأججة في الجيل الصاعد بالعقلانية ، وتجميل فورتهم بالتخطيط الهادف، وتحويل شتات مسموعاتهم وخواطرهم إلى فقه موزون وتنظير شامل.
أي أن المدة القادمة أنما هي مدة الإمتحان بكل معانية، في العالم أجمع، وبنتيجة هذا الإمتحان يتأثر المستقبل إيجابياً وسلباً.
لقد حل التجميع في أوسع تكاثره ،ولكن ماذا بعد التجميع ؟
ولقد زكت المشاعر الفياضة ،ولكن أهل لها من علم التجربة قرين؟
ولقد اسلم الصاعدون الزمام، فهل يطيق القادة الصعود؟
وإن أصداء الهتاف لتملأ العرصات ، فهل في الأروقة تشاور؟
أسئلة تغرض نفسها ، والزمن يسرع المرور وليس له استعداد لانتظار البطيء ، والمنافسات إنما يكسبها المبادر الفوري الاستجابة، الحاضر البديهة ، الذي ينفر مع أول التباشير ولوائح الإرهاصات إذا الفجر طلع، وأما من توقظه الشمس فلان حين استدراك ، وسيجد الطريق مزدحماً.
وعند الزمرة المؤهلة للمشاركة الريادية في كل بلد تصديق هذه الأخبار أو تكذيبها ، وتصديقها إنما يكون بأن يبذل المجرب نتائج معاناته لكل لاحق متشوق للسير في الدرب الصعب ، وبأن يحتفي هذا اللاحق بما يهدي إليه اختفاء الشاكر الراغب في الوراثة ،ويزيد من عنده ما شاء الله .
لكنه ليس كل راغب ، ولن تؤهل الأمنيات أصحابها على الوجه الذي يريدون ، وإنما المؤهل من أهل بعقل وذكاء، وبنفس سوية تعادلت أطرافها. وكانت له مع المخضرمين محادثة، ومن العابدين اقتباس وفي الكتب غوصة ، وعلى اللأواء ، صبرة ، وما ثم في رهط المؤمنين غير ثقة ، ولكن الله تعالى كما قسم الأرزاق، فنحن للثري نقدم. وخلق القلوب صوافي وذوات غبرات، فعلى الأبيض نحرص ، وإنما هي القرائن ي كل ذلك تحكم بها، ولنا حق الاجتهاد ، وليس علينا دوام الإصابة، وإنما نسدد ونقارب، ونرجح ونرجو ، وطبعات الخير على أرض العمل لن تمنعها فراستنا المخطئة إذا صمم على طبعا مقتدر جهلنا فضله فظل خفيا، والآثار الذاكية تهواها الأنفس وتشكرها وتتبعها إذا خطها قوي مهما كان قصيا.
من هنا فإن على كل إمارة أن تستخبر وتفتيش وتشاور ، ليستقر قرارها على ترشيح مجموعة من الدعاة هم في ظنها الأقدار على حمل ثقل العمل، والأيقظ في حراسة ثغور الدعوة. والأصوات في رفع الأذان، لتسلك يهم سبيل التطور والتثقيف والتعبد والتعرف على الميدان، على أمل أن يضيفوا من أنفسهم جهداً ذاتياً موازياً، فيكون الأرتقاء والنضوج، ويكون بعد ذلك أو أثناءه تقاسم الأدوار بينهم ، فيحصل التكامل ، وتتقدم الدعوة الإسلامية خطوات نحو أهدافها.
أن صياغة الرجال هي أهم الواجبات، والعاطفة الإنسانية الإيمانية اللاهبة التي يتحلى بها معظم الدعاة لا تكفي لقيامهم بمهمة إصلاح الحياة بعد أعواجاجها ما لم يقترب إيمانهم يعلم شرعي ، وثقافة شمولية ، ودراية إدارية، وخبرة ميدانية واقعية، وخلطة اجتماعية.
ومن أجل ذلك كان حرصنا الدائم على اكتشاف ( منهجية التربية الريادية ) ووضعها في التطبيق العملي، واصطياد الأوقات وتجميع الطاقات لتجويدها ، وربط سلسلة حلقاتها التنفيذية.
والظروف اليوم مواتية في كل مكان لفتح مدارس في مجال التربية الريادية، وهي مدارس يجب أن تظل دوما جزءاً متميزا في العمل الإسلامي، كحلقة جديدة لها نسب مع المحاولات السابقة، وتبني فوق بنائها السالف، ولن تكون الأخيرة ولا أهلها بالمكتفين ، وإنما الاستزادة من الخبر وتجديد الخبر دين كل داعية ، ناشئا كان أم مخضرماً.
دهمتنا أشياء .. فاضعفت
وتبدأ عملية التطوير بتشخيص النقص ومعرفة السلب، إذ أن الاجتماع المثالي للصفات الجيدة وبالمقادير المتناسبة أمر نادر، والمثاليون الكمل قليل عددهم، مع أن الفطرة هيآت ويسرت نيل مكونات الخير، وهي أسهل عليها من تعقيد ملازم لكل شر، وكلمات التربية ومواعظ الناصحين تبلغ بالفطري مراحل أبعد ، ولكن الخواذل تنحت وتصد وتصرف وتبعثر وتؤخر ، ومن بين حزن يلف المرء إذا فاتته أموال ومصالح ولذات، وغفلة عن المبادرة تسببها أنواع الملهيات، وشبهة لا يسعف ذكاء المحاول في إيضاحها وجلائها، ونقص عن التأمل المتأني تفرضه العاطفة المتأججة إذا غمرت واستولت ، وللشيطان أنف يدسه في كل ذلك ، وما تزال قنوات الحياة يسلكها مهزومون وثابت ، ومترددون وحازم ، وغضاب وعقلاني، ومبطئون وسريع وللفقر وسوسة تقر يصاحبه من الكفر ما لم يعصم الله ، وفي الهجرة آلام وفراق أحبه، والأعراض عزيزة وتنكسر عندها سيوف الإنكار والتغيير إذا هددها عتل وزنيم.
والدعوة الإسلامية ليست فوق تأثير المؤثرات ، ولن تكون ملائكية الأنماط ، ودهم بعض أفرادها حزن مذهل، أو أثقل آخرين منهم بطر مقعد، فقست قلوب ثم، وتحولت عن زينة العلم عقول، وكره جوازم الأمراء نفر من جند الحق.
وهذه الظواهر الثلاث هي أهم ما يميز الفاحص من نقص في دار العمل الإسلامي اليوم ، والهبوط يستدرك عليه العدو ، والعلم بالتعلم ، والتراخي يليق له الالتزام.
قوموا بنا نتأله....
إن قسوة القلوب إنما هي نتيجة لفقر في الحياة الإيمانية للداعية، ومن شأنها أن تقترن بأسوأ ، أخرى ، من الحسد وسوء الظن والغيبة والتكبر، ويحتاج كل داعية إلى أن يغالب نفسه مغالبة، ويتكلف التطبع بطابع المؤمنين ،ويحرص على أضداد ذلك من مقارنات الخشوع، من الأخوة وحسن الظن والكلم الطيب ، ليلين قلبه.
وإنما هي عزمات أكثر مما هي مواعظ ومناهج تحصى ركوع المؤمنين بعد الفرائض والسجدات، أو تحصي عليه تلاوة الآيات ، ولقد أكتال كل مرشح لحمل ثقل الأعباء الريادية كيلاً وافراً من التذكير وكلمات التشجيع وتبيان طريق الآخرة ، ونكره أن نتكلف عد العبادات عليه عدا ، ولكنا نكله إلى المعيتة وهمته ، ونأمل أن ينتفض على الفتور المستولي، وأن يقطع التواني، آبيا إلى بداياته القديمة يوم كان حمام مسجد ، مستغفرا مخبتا، متنقلا بين تسبيح وحمد وتكبير وتهليل ، مكرراً كنز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله، منقلبا على بين عمودين يمرغ الجبهة طوراً، ومتغنيا بالزهراوين والحاميمات وما بينهما قبل شروق وغروب، مائلاً إلى المقابر من بعد، وعاكفاً على قراءة فصول من المدارج والجواب الكافي وإحياء الإحياء متأملا التحفة العراقية، لنفخر به هو تحفة بعد ذلك حقا.
إن إهدار إلزام الداعية بكميات تنفلية والاكتفاء بالندب تجربة تربوية لها شواهد من النجاح كثيرة، وخير من الرقابة على العبادة أن نتلمس ونتحرى آثارها واماراتها في الصاعد ، ومن خض جناح يبديه، ورفق وجياء وحلم ولين جانب، وطراوة لسان، وعصامية نفس، مع مروءة وكرم، وتأمل الأحسن، وظن اللائق بالمؤمنين ، وصبر على العسر ، وعلى تقصير الأصحاب في حقه ، وشكر للجميل، فإن جماعة الدعاة إلى الله مكلفة قبل كل شيء بتجديد مكارم الأخلاق بعد ذبول اعترى الحياة فتركها مائلة الجنب ليست تعرف استواء الخطو ولا للعيش في رحابها لذة ، وقد ذهبت اللذائد مع النبلاء السادة أهل العلم والإنفاق والستر ونهوض الفجر ودموع الليل ، ونحن المرشحون لاستئناف ما سلف، وعلى التوكل وعسى ولعل الأمل والثقة تعتمد، والمتابعة لكل الصاعدين في سعيهم التعبدي واجبة، ولكنها التشويق والذكرى وما هي بفحص وتدقيق ، وتهب إدبار قلب المحاول حين يدير إلى أيام كان فيها من المقبلين وسيكون كما الله تعالى يهب.
ثم هيا بنا نشتري المصابيح
ولئن كانت التقوى تدير المعركة الخفية للحياة وتفرض ترجيحاً للتقي النقي على أهل الكفر والفجور والعصيان، فإن العلم من جانب آخر يدير معركة الحياة الظاهرة، ونحن أو أولئك ، آينا الأعلم، ولئن رجع ذو التأله بأجر فإن ذا العلم يرجع بأجر ونصر.
ومن هنا لزمت أنواع من العلوم لكل منتدب لعمل إسلامي ريادي، لزوما يصحبه تدقيق ، وتديمه رقابة ، وتنظمه منهجية تفصيلية ذات استقصاء وتكامل ، وقد ألحقنا بهذا الميثاق التطويري قائمة تسرد أسماء كتب في شتى العلوم والمعارف والفنون نرى ضرورة عكوف التلميذ على مطالعتها واستيعابها واقتباس الفقرات المهمة منها ، ليجزل عودة ، ويستولى فهمه للإسلام ، ولمحركات الحياة ، وأسرار الأنفس وخفايا دهور مرت ، وخطط أحزاب أثرت، وصفات واقع حي، وتوجهات تطور يجري في مجاري النماء والتغير لن توقفه أوهام عجز مقل يرغب في أن تنتظره دوره الكون الدوار إلى حين يلم شعثه ، أو تعفيه من المهمة معجزة تأتي على نمط غير ذي قياس.
العلم بالتعلم ، ولا بد من أخذ النفس بالشدة، وإطالة المجالس، وأحياء المحاورات، ولا يتملق الداعية لمالك حكمة حتى يمنحها له خير له من أسمار الأقران، وهذا عصر ثورة العلم ومنهجية الأعمال، والعمق شرط للمضي في المنافسة ، وما عادت الأحرف اليسيرة تدبر نقاشا أو ترشح صاحبها لندرة أو تقرير ناجح أو مقالة لها رواج أو خطبة ينصت لها الناس ، بل المليء هو سيد الساحات وأبو المنابر ، وما نظن أن حائز العلم الشرعي يستطيع بثه ما لم يضف إليه علما باللغة والآداب والتاريخ ومقدمات الاقتصاد والإدارة والعلوم التطبيقية ، مع نظرة في الفلسفة ، وهذا الشمول هو مظنة تأثيره في أوسط المثقفين ، ويدونه يتلعثم و يضطرب عرضه.
التابع يستطيع الإقلال ، والراضي بمنازل الهامش يمكنه سماع الأشرطة مكتفيا بها، أو الركض وراء خطباء العاطفيات ليشبع نفسه، ولكنا نتحدث عن قوم في المركز والبؤرة والقلب والصميم ، يريدون قيادات الناس ومعاكسة التيار ومقاومة الغزو ومعاندة العالم ، ولهم هدف إصلاح وتغيير وهدم طواغيت استعبدت العلم وسخرته، وقوم هذه هوياتهم وخوارطهم وغاياتهم يفترض أنهم نذروا أنفسهم للتعب وجمع العلوم والمعارف والفنون.
ونسمي التعلم تعبا وهو لذة كله وعذ، وارتفاع درجات ، وسبب احترام، وجواز مرور ، وشهادة امتياز،ووثيقة انتساب إلى نادي النخبة.
ويجمعنا العرف الجميل
غير أن تلك العبادة تمنح العابد اعتدادا بالنفس، وهذا العلم يغمر صاحبه بنشوة ، فوجب بذلك على طالب الريادة العابد المتعلم أن يراقب وضعه، لئلا يلبس عليه الاعتداد أو نموه عليه النشوة فيتشبه بالسائبين ويستسيغ الاستقلال والتفرد وحرة اتخاذ القرار، إذ أن الفروق هاهنا طفيفة ، وقد لا يلحظها المنهمك والملتذ ، فإنها ليست فارقة بين إسلام وكفر أو خير وشر حتى تكون جلية ولكل مؤمن، وإنما هي فروق بن منازل الفضل ودرجات القربات، وللداعية أن يختار الحرية، لكن حريته نزول عن علو وضعتنا الدعوة فيه مذ اخترنا أن نكون دعاة إلى الله، وقبول العمل الجماعي ذروة وعي الواعي، ومن مفاده أن يوزع جمهرة الدعاة بين أمير ومأمور، ومخطط ومنفذ ، ولا بد من الحفاظ على صرامة الالتزام إذا أردنا إتمام الجولة، وبذلك ننفي السلب الثالث المتمثل بتراخي الاستجابة لجوازم الرؤساء.
إن الدعوة تعمل في محيط ملغوم، والأعداء يتربصون بنا، وأقاموا أحلافهم في وجهنا، وما زال كيدهم يتجدد ويأتمرون لوضع مخططات التضييق، ومثل هذه الحالة من الخطر المحتمل توجب علينا رص صفوفنا بالطاعة التامة ومراعاة مخططنا الإسلامي ووحدة الكلمة ، من شرعة الامتثال بتراخي الاستجابة لجوازم الرؤساء.
إن الدعوة تعمل في محيط ملغوم، والأعداء يتربصون بنا، وأقاموا أحلافهم في وجنها، وما زال كيدهم يتجدد ويأتمرون لوضع مخططات التضييق ، ومثل هذه الحالة من الخطر المحتمل توجب علينا رص صفوفنا بالطاعة التامة ومراعاة مخططنا الإسلامي ووحدة الكلمة ، من سرعة الامتثال للأمر ، وحفظ السر ، والحياء من النقباء، واستكبار فضول من يحاول معرفة ما يجري في أواسط القدماء ، والحزن عند سماع نبأ اختلاف آراء السائرين ، ومغالبة النفس عندما تميل الأوامر إلى ما يخالف اجتهاد الداعية ، والتنفيذ بنية التعبد واستحضار المعنى الأخروي، والاستغفار للأمراء إذا بدرت منهم خشونة في ساعة غفلة أو تعب ، وعيافة النجوى، وعدم مظاهرة المنشق، والصد عن المخذل ،وترك طلب التولية ، ومحبة الصفوف الأخيرة والأعمال الخفية ، آداب أخرى.
هي الطاعة الواعية وليست التبعية المعطلة للحواس، وهي الشورى وقول الحق وليس الانقياد الأبكم ، ودعوة العزة لا تعلم اتباعها غير التعامل العزيز ،ولكن ذلك لا يعفي من كمال الطاعة إذا عزم الأمير وتوكل، وما نراه اليوم من تساهل بعض والأخوة إذا عزم الأمير وتوكل وما نراه اليوم من تساهل بعض الأخوة في هذه المعاني الدعوية الأساسية إنما هو من الابتداع المحدث المؤدي إلى نمط هش من الروابط لا يقوى على احتمال المحن وتكذيب الفتن، وما كنا نظن حين كنا ناشئه تلفنا الفورة أن سيأتي يوم يتأخر فيه أحد عن لقاء ، أو دفع مال ، أو يهفو بتمريض أمر صريح، وكانت الحياة الصارمة قد أدبتنا فأحسنت تأديبنا ، وعلمتنا الانضباط الجاد والإنفعال المعنوي اللاهب، وكنا نتحرك بأرواح سلسلة وقلوب سوية لم يشبها تعقيد، وتغمرنا العواطف الأخوية والتطلعات الأخروية ، وما زلنا كذلك في خير وافر ودأب عامر حتى انحدر الزمان إلى أواخره ، ونبغ جيل يدقق قبل المسارعة ،ويجادل قبر الإقرار ، ويفشي للقرين، ويستنصر على الولاية، ويفرح لخلاف بين المربين يبلغه ليتخذه ذريعة إلى إقلال البذل، ويطبق معادلات السوق الاقتصادية على علاقات أراد الله لها أن تكون سامية، وربما وجدنا في هذا الجيل من يغضب على الأمراء ويرتفع صوته، أو يعرض ويصد متألما ، أو يشترط اعتذارهم له عند خطأ يسير يبدر منهم، وربما تبلغ به الجرأة أن ينظر بالحرام، وكان فخر المنتسب في الزمان القديم وأوج لذته أن يستعد أمام المربي استعداد الجندي ويقول له إذا ندب: أمرك ، يجري لك ما تريد ، روحي فداء دعوة الإسلام، ووقتي ومالي ملكها، أفندم ، تفضل، يحصل ، نعم ، على عيني ، سمعا وطاعة على خير إن شاء الله ، أدع الله أن يعينني ، حلت البركة ، وأشياء ذلك.
لبيك نداء المضاعفة
إلا أن معاني الأصالة ما زالت تمثلها عصابة قائمة على الوفاء لتربية الأولين ، وفي ذلك ما يمنع اليأس ويجعلنا على ثقة من جدوى صيحة ينادي بها مجدد داخل رحاب دارنا يدعو لعودة فورية إلى الشكل القديم المبارك، ويراد لمدارس التطوير أن تكون هي البيئة الصحية ذات النافذة القريبة المفتوحة على هذا الصائح الناصح ،المستنفذ المستنهض ، المنذر بوجوب استدراك يقارن سعة انفتاح الأبواب اليوم بع افتضاح سذاجة الناس وتوبتهم من مشية بها ،خلف كل ظالم نزق طائش مستبد.
إن فنونا عديدة تدخل تحت شعار هذا التطوير، ويجب أن تقارنها فعاليات شخصية يسعى لها داعية، ثم هي المدارس نفسها درجات وأنواع.
رواه بين ظهرانينا ... نسمع لهم من قريب...
وأهم أنواع وسائل هذا الخط التطويري : المدارس المحلية التي تقترح أن تعقد على مدى سنتين ، أي في نفس المدينة التي يسكنها المرشحون، بحيث يجتمعون أسبوعيا ، وكل أسبوعين أحيانا ، وقد تكثف الاجتماعات أحيانا فتكون في أيام متتالية:
ويكون المنهج منعا مراعيا للشمول وسد أنوع الحاجات، فيه علم شرعي ، وفكر ، وتحليل سياسي ، وتاريخ إسلامي، وتاريخ سياسي، مع مقدمات العلوم، ولكن النصيب الأكبر إنما هو لفقه الدعوة والتخطيط وفتون الإدارة وتجارب التربية وطرق تنمية العلاقات العامة، مع استعراض تحليلي لتاريخ الدعوة الإسلامية في الأقطار، ووصف واقعي لحاضر العالم الإسلامي، وتعريف بأسرار القضايا الإسلامية الحي’ ، وبيان لوجوه نشاط المؤسسات الإسلامية. وبعض هذه المعاني تعطي على شكل دروس، وبعضها على شكل ندوات فيها أكثر من متكلم، وبعضها على شكل حوار مفتوح ونقاش حر بين الأعضاء بحيث يدلي كل واحد برأيه ويعقب على آراء الآخرين، وقد ارفقنا محلقا ثانيا بهذه الرسالة فيه بيان واف لعناوين الدروس والندوات والحوارات الممكنة ، ويسع المشرف التربوي أن يختار بعض هذه العناوين ويترك البعض الآخر إذا لم يجد من يجيد الكلم فيها، ويمكنه أيضا أن يضيف وأن يوسع و يقلص حدود الموضوع، ولا مانع من تكرار درس كان قد ألقي سابقاً إذا تقادم عهده فنسية السامعون أو لم يسمعه البعض أصلاً، وفي هذه الحالة تطالب من سمعه بشيء من الصبر والحلم، من أجل استفادة إخوان له، مع أنه نادرا ما تكون الإعادة متطابقة مع المحاولة الأولى، وإنما فيها تجديد وزيادة أمثلة والتفاتات طريقة تمنع الملل وتلغي وهم الزهد بها.
إن هذه القائمة ليست جدولاً إداريا يسوغ أن يستقبله رجال الخط الثاني الصاعد بفتور واهتمام هامشي، ولا هي نتاج خواطر عابرة أو صنعها الدمج التلفيقي بين مذاهب شتى، وإنما هي خلاصة تجربة في التطوير على مدى سنوات طويلة ، واستمرت المحاولات الناجحة في التفهيم والتفاعل مع المستجدات وحقائق المحيط تتراكم على مهل حتى غدت بهذه الصورة الشاملة التي تنطلق من مذهب وأحد تحكمه رؤى تربوية متجانسة وفلسفة منهجية متناسقة ، ومن اللائق أن ينظر لها الدعاة على أنها وثيقة تربوية مهمة صاغتها جهود جماعية عبر معاناة طويلة لمر التفقيه والتطوير مع أنها لا تمثل الاختيار الرسمي ، وإنما نقدمها كمقرح لمن يشاء الأخذ به.
ومحور التحريك الموضوعي في هذه المدارس إنما هي المجموعة التربوية، بحيث يحاول أعضاؤها تحضير بعض المواضيع ذاتيا ويلقونها ، ويجوز مركز الأمر على بعض أعضاء المجموعة أو على أحدهم، ثم تحاول الإدارة الاستفادة من كفايات الطلاب أنفسهم، بحيث يلي من يمهر منهم في موضوع معين موضوعه على البقية، ثم تتم الاستفادة من كفايات دعوية وإسلامية أخرى من مواطني نفس البلد أو من المقيمين فيه، وهي كثيرة، وتمثل هذه الكفايات عناصر من المجربين القدماء، أو الرواد ، أو العلماء الشرعيين ، أو أساتذة الجامعات، أو رؤساء وأعضاء مجالس إدارة الجمعيات الإسلامية ، وأمثالهم ، ومن الممكن أن يقترن بذلك استثمار زيارة امثال هؤلاء للبلد أن لم يكونوا من المقيمين فيه، والمفروض أن تضع الإدارة جدولا تفصيليا بأسماء المحاضرين والموضوعات المقترحة وتواريخ إلقائها، مع مراعاة تنفيذه بشيء من مرونة تسمح بالبدائل وتستجيب للضرورات المفاجئة وتستفيد بشيء من مرونة تسمح بالبدائل وتستجيب للضرورات المفاجئة وتستفيد من عناصر جديدة لم تكن مكتشفة عند وضع الجدول، أو من زائرين طارئين على غير موعد، وأما اليبوسة الحرفية وعدم التبديل فإنها تحرم من خير محتمل، ويجوز أن تتنوع الاهتمامات في الموسم الواحد أو يخصص الموسم لباب واحد فقط ، كأن يكون للتوعية السياسية كله، أو في فقه الدعوة، أو في الفكر ، وهذا التنويع أو التفريد هما من الإجتهاد الإداري الذي يسوغ فيه أكثر من وجه ، ويعتمد على قضايا ذوقية أيضا، وعلى اغتنام فرضة وجود بعض المحاضرين ، وعلى رغبة الطلاب ، أو على تجانس مع نشاط آخر متزامن.
طرقنا رحالون ... في بضاعتهم نفائس
ومن أهم عوامل نجاح هذه المدارس: زيارة الأمراء لها لإلقاء سلسلة دروس، وعلى الأخرص في فقه التحرك، وفي قضايا القطر وتاريخه وتاريخ الدعوة الإسلامية.
والمفروض أن يستثمر الطلاب زراية الأمير استثماراً مضاعفا عن طريق توجيه أسئلة حيوية له، ومن عناصر حيوتها: أن تفصح عن اهتمامات عالية وقضايا رئيسة ومسائل أصولية واستراتيجية ، وليس يليق بهم أن ينزلوا إلى مستوى الفرعيات والحوادث اليومية والغرائب التي ترد على غير قياس.
وتشير التجارب التطويرية إلى ضرورة استثمار هذه الزيارات لمدى أبعد من خلال بيان الزائر عند الطلاب تباعا، كل ليلة مع أحدهم في بيته وطرف من النهار ، بحيث يكون التصارح، والقول الحر ، ومعرفة الآراء الذاتية، وكذلك ليتاح للأمير معرفة نمط تفكير الصاعد، ومدى فهمه واستيعابه، وظروفه الخاصة، وآماله وآلامه.
ومن عوامل نجاحها أيضا: تدريس رسائل في فقه الدعوة وتضمينه منهاجها، مثل رسائل العين هذه ومختارات من المجلات التربوية ، وينبغي إلا ينسى أن رسائل العين إنما أريدت لتكون منهلا ثريا لمناهج المدارس الدعوية ومحاضريها ، وننتظر زيادة التفاعل معها وعمقا أبعد في الاحتفال بها والدراسة الجماعية له. ولا تقتضي ا لدراسة الجماعية نطقا حرفيا لكل ألفاظها، ولكن يشرح المدرس المجمل ليتاح له الوقوف عند مفاصل الموضوع والنقاط البارزة والقواعد الحاكمة والاستنتاجات الأخيرة، بحيث يكون شرحه المجمل خلفيه جيدة لإثارة حوار يشارك فيه جميع الطلاب ، ويترك لهم حرية التعقيب والنقد وقياس المعاني على الواقع الإسلامي.
فطفق يصف له ما حدث ...
* ومن عوامل نجاحها أيضا: تكميلها بمشاهدة جماعية، أو فردية عند الاضطرار. لنخبة من شرائط الفيديو ذات الأهمية الاستثنائية، كالأفلام الوثائقية عن الحروب والثورات ، والأفلام التمثيلية السادرة لسير المشاهير أو المستلة من قصص الأدباء الكبار، والمسلسلات السياسية والجغرافية والعلمية والفنية ، والندوات الناجحة ، وأمثال ذلك إذ تنعكس هذه المشاهدات انعكاسا مباشرا على الدعاة، وتوسع آفاق فهمهم لتقلبات الحياة ومؤثراتها ، وترقق أذواقهم ، وتبعد بهم عن السذاجة، وتريهم كم هي صعبة معقدة عملية قيادة الناس وكم تلزم الدعاة من مقادير المنهجية والواقعية والتوثيق المرجعي، وكيف يتعامل المسلم مع المعادلات الدولية ومراكز القوة والجماعات الضاغطة.
ونعلم خبر رجال تقاسموا الزوايا والأركان..
ومن عوامل نجاحها: حث الطلاب على الالتقاء مجتمعين أو كل اثنين وثلاثة منهم بعدد من أهل التأثير في مجتمع بلد إقامتهم والبلاد الأخرى المجاورة ، أو التي يسيحون فيها، مسلمهم وكافرهم، كالعلماء الشرعيين ، والأدباء ، والإعلاميين ، ونواب البرمان، ورجال الدولة، وقادة الأحزاب ، وشيوخ القبائل ، ورؤساء النحل والطوائف ، ورؤساء الجمعيات، وكبار الضباط ، والسفراء ، ومدراء الشركات، وكبار المحامين ، وعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك، ومشاهر أساتذة الجامعات، والفنانين، والبارعين من المهندسين والأطباء ، وأمثالهم.
ولتنفيذ هذه العملية يلزم كسر حاجز الحياء والخوف من الناس لدى الدعة، بحيث تكون فيهم جرأة تمكنهم من المبادأة بالاتصال بهؤلاء والجلوس لهم جلسة التكافؤ والثقة بالنفس، وتقديم أنفسهم على أنهم من دعاة الإسلام، وأنهم يريدون الاستفادة من تجارب المقابل في اختصاصه أو في أمور الحياة جميعاً ، ورأيت في قضايا الساعة ورجال الساحة، وأنهم جاؤوه سائلين متعلمين لا مجادلين ومستفزين، ويدافع تطوير مستوياتهم لا يدافع الفضول والإحراج ، وأنهم من دعاة إصلاح وحرص علمي مصالح الأمة وليسوا إن هذه المقابلات لو تمت فإنها ستقفز بالدعاة الذي يقابلون فقرة تطويرية واسعة، إذ أنها تصقل شخصياتهم وتمدها بقوة، وتنمي المقدرة على الحوار، وتطلعهم على أسرار المجتمع والمنافسة الخفية في داخله، وأسرار الحكومة والأحزاب ، كما أن هذه المقابلات تجبر الدعاة على مراعاة أدق الذوقيات حتى تكون لهم عادة ، وعلى توسيع قاعدتهم الثقافية ليكونوا بمنزلة التكافؤ مع المقابل، وتمنحهم قدرة على تقويم الرجال وتجويد الفراسة بهم، وتوسع دائرة علاقاتهم العامة، وتفتح لهم نافذة يدركون من خلال النظر عبرها كم هو واسع المجتمع ومتداخل الأجزاء، أوسع من مجتمع الدعاة الصغير مهما كبر.
أن مهمة صعبة جدا أن يضع الصاعد الحياء جانبا ويبادر إلى طلب التعرف والزيادة، لكنها عملية ضرورية، وقد لا ينفتح بعض المقصودين، حذرا من الاحتمالات السيئة، ولكن آخرين يسنفتحون، ولكن صعوبة طريقة في التحايل عليها وتذليلها، من توسيط أحد يعرف الجانبين، أو مصاحبة مسلم لهم وافر القبول لدى الناس، وفي سبيل تحصيل فوائد ملاقاة هؤلاء الرجال تهدر سرية غير لازمة بتوهمها بعض الأخوة ونعلن لهم بأننا دعاة إسلام صراحة بلا وجل، فقد قتلنا الإنزواء والإنكفاء على انفس ، وأتلفت قابلياتنا العزلة، وأضعف شخصياتنا العيش الرتيب مع الأتراب.
فلنترك الخوف من الناس ، ولتكن لنا سياحة بينهم فإنه تبع للأعلم والأفصح ، ونحن في المراكز الأقوى بما معنا من إيمان وأخلاق وجد وعلم، ومن اللازم إحصاء أسماء هؤلاء الرجال الذي يزارون، والمداخل لهم ، وما يقال لهم ، ووضع جدول زمني بكل ذلك، ولسنا ندعو إلى حكر أوقات طلاب الريادة لإجراء هذه الزيارات ، وإنما هو التوازن في سد الحاجات وتحصيل المصالح نعنيه ، وهذه مصلحة تقدر بقدرها ، ونختار نخبه من الأسماء قد لا تزيد عن الخمسين خلال السنتين المرصودتين للتطوير، ثم المتخرج يجتهد في مواصلة الاتصال بعدها بمن شاء، والمهم أن تسير على الدرب الصحيح بالتدرج الذي تحدده الأوقات وتمليه الظروف ويسمح به تزاحم الضرورات.
وفي بعيد الآفاق حكم ... نرحل لها ...
ثم من عوامل نجاحها: اقترانها بسلسلة زيارات ميدانية للساحات الساخنة أو ذات التركيب المعقد أو التي يبلغ التحدي والتناقض فيها مبلغاً حاداً، فإن مثل هذه الميادين وما فيها من جدية وإيجابية وصراع وحركة دائبة وإفصاح عن الهوايات وبذل تضحيات إنما تعظ الداعية أي موعظة ، وتدعوه لافتداء، وزهد، وتهز في قلبه أوتار العاطفة ، فيعود بروح جديدة يافعة، ناظرا إلى تسويفه الماضي بازدراء، عازما على الاستدراك والتنفاس.
كان ساحة الجهاد الأفغاني هي أمثل الساحات وأرقاها في تحصيل هذه المعاني، لكنها ليست الساحة الوحيدة، وإنما هناك ساحات عديدة تتاوت في درجة حيويتها وتأثيرها في الزائر، مثل مجاهل إفريقيا السوداء جيث التنافس على أشده بين الجهود الإسلامية وسطوة التبشير النصراني، ومثل أجواء ثورة المسلمين في الفليبين ، وثورة أرتيريا ، والصراع في لبنان، وفي البوسنة والهرسك، ومناظر الجوع في بنغلاديش ، ومدارس تحفيظ القرآن الكريم في تركيا، كذلك تعتبر ذورة المواسم الانتخابية البرلمانية في كل بلد ساحة مليئة بالدروس العملية إذا نزلها الدعاة، مثل الانتخابات بمصر والسودان واليمن والجزائر والأردن والكويت وباكستان، وكذلك التنافس الإسلامي العلماني في كردستان.
وماذا على الرائد لو توسع في هذا الباب فزار بلداً مجهولاً ودرسه ميدانيا ورأى وشفاه ثم قدم تقريرا تفصيليا حوله أو نشر كتابا عنه؟ كان يزور مسلمي الصين ،أو الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي وقد أصبح الطريق سالكاً، أو الجاليات الإسلامية في نيبال وتايلاند وأميركا الجنوبية ، فمثل هذه المعاينة الميدانية تمده بخبرة حياتية وصداقات وعلاقات، وتقوى شخصيته ، وتزوده بمادة للحديث وشواهد للتمثيل ، وبها يتدرب على البحث والكتابة والاستفادة من الوثائق ، في فوائد أخرى لن يذوقها إلا من يحر ويختلط ، والقابع المؤثر لليوميات المتكررة مع زوجة وبنيه وأصحابه محروم منها ، وبحق كان هذا الحرمان.
إن جانب الإبداع والمبادرة ضعيف فينا جداً، ولا بد من تنميته وإذكاء المحفزات الداخلية يمثل هذا النزول إلى الساحات وقذف النفس في المعمة لنتعلم من خلال الورطة شيئا ما.
بل أحياناً نحن أحوج إلى التعرف على عالم واسع قريب منا في بلد إقامتنا ، وكذا ومازلنا نتمنى أن يركب رجال الإبداع في أقطار جزيرة العرب سيارة دفع رباعي تجتاز الرمال ليكتشفوا قرى الصحراء والمناطق النائية والجبال، ويشاهدوا الناس وحياة الوحش والنبات في البيئة الفطرية ، حتى يصلوا الربع الخالي وأودية عسير ثم المضي صعداً إلى جيل حائل وكثبان الدهناء مروراً بخيبر ومدائن صالح وتبوك ، أو ينحدر مقدامون بسفينة شراعية من سواحل الخليج إلى بومبي لتسجل لهم مغارمة ، أو يتتبع آخرون بتركيا جميع مدنها وقراها لمسحها من أطرافها الأربعة ثم ينحدروا في نهر المسيسبي بطوف ليحدثوا إخوانهم إذا رجعوا إليهم عن عجائب ما خلق الله من جبال ووديان وغابات وأنهار وحيوان ونبات بري، أو يمسح آخرون الهند ومن فيها ، أو يمكث مترفان مع مساكين إندونيسيا ، أو يصعد رجال بباكستان في طريق الحرير نحو الصين.
إن كل هذا ليس متعة سياحية ، مع أنها كذلك وإنها مباحة ونحبذها، ولكننا نريد جانبها التربوي والتدريبي وأيحاءاتها الإيجابية وإملاءاتها المعنوية ، ولن نزال يلفنا السكون وتجمدنا الرتابة ما لم نرفض الحصار ونشق الشرنقة لنسري في كل قنوات الحياة إلى العالم الرحيب المتلون بكل الألوان.
ولا تتحدث عن إجازة ومال تعذر بوهم افتقادهما نفسك ، فإن الحريص يلتف ويحتال ويداور ويناور ويفرك ذهنه للتغلب على المثبطات ، وكن مثل السائحين الغربيين الذي يحملون متاعهم على ظهورهم ويجلسون مع سائقي الشاحنات ، وهذا المثل الدون، ولنا مثل أعلى وأطهر وأزكى: أن نكون مثل رجال التبليغ : ننام في المساجد ونقنع بالخبز وحبات الزيتون إداما، ولسنا ندعوك لبيات في هيلتون وشيراتون حتى تعتذز بفقر.
إن هذه الجولات والإستقصاءات الميدانية والحياة الخارجة عن المألوف ليست وسيلة توعية فقط، وماهي بأداة التقوية الشخصية فحسب ، وإنما هي مادة أيضا لارتقاء خلقي تؤثر بصماته في مصيم حياة الداعية النفسية، إذ أنه حيث الجولة مشغول في كل وقته بأمور من الخير والفحص والتعرف وإجابة أسئلة السائلين ، وذلك يبعد به عن الغيبه والهزل واللمز ، لن هذه الآسواء شغل الفارغين ثم هو ولمدى سنوات بعد الرحلة ثري الحديث، يحدث أصحابه عما شاهده وعاناه ، وذلك فطم آخر عن الغيبه والقول المرجوح واللفظ الردئ.
ولنا من بعد لقاء ... لنقتسم الغنائم ...
هذا هو خبر الجهد المحلي في العملية التطويرية وما يتبعه ويتصل به من عوامل النجاح ، لكن التطوير يذهب مذهبا أبعد وأكثر وفاء للمتطلبات ، عن طريق إقامة المدارس الشاملة التي تعقبها سياحات، كآن تكون في أسبانيا، لرؤية آثار الحضارة الإسلامية فيها والتجول بقرطبة وغرناطة واشبيلية ، وقد تتكرر في تركيا أن سمحت ظروفها، للتجول في مدنها ورؤية آثارها وأريافها.
إن هذه المدارس تدار من قبل الرواد الأوائل مباشرة ، وهذا يحقق فائدة قربهم من الجميع والحوار المباشر بدون وسطاء، مع فائدة اجتماع رجال من بيئات شتى فينقل بعضهم لبعض التجارب المتنوعة، ويكون الحديث عن خصائص كل بيئة وما فيها من إيجاب وسلب، وعن أسرارٍ ما كانوا لها بسامعين.
عرف واجبه .. فأضاف لبنة في الصرح
ولا تقف العملية التطويرية عند هذا الحد ، وإنما نقترح على كل مشارك أن يضيف من عنده جهداً ثلاثي الأبعاد لتنمية قابلياته وتجويد دروه في العمل الدعوي.
* الجهد الأول: التخصص بمعرفة بلد معين من بلاد الإسلام ، أو جالية إسلامية، أو قضية إسلامية حية ، ليكون أحد المراجع فيها، والسفير المبعوث إليها ، والمتحدث لإخوانه عنها، والكاتب الصحفي حولها ، كأن يتخصص بأمر الجزائر أو اليمن ، أو بأمر مسلمي الصين ، أو بالقضية الأفغانية ، وهذا باب من الأبواب الواسعة في خدمة دعوة الإسلام.
* الجهد الثاني: التخصص بجانب علمي أو معرفي أو فني من الجوانب الحضارية ، كأن يمارس الأدب ، أو ينبش عن آثار، أو يحلل التاريخ، أو يتقن التصوير ، أو يبدع الخط ، أو يحاول التفلسف ، لأن تيار الحضارة يسير عارماً ، ونحن أصحاب الجاهلية نمسك زمامه، ولئن تخلينا : أخذوا مكاننا ، وهم اليوم يحتلون أكثر الأمكنة ، ولابد أن نزاحمهم، والخير يزيح الشر، والدعوة لا تجمع رجالها لتتكاثر بأعدادهم وتفخر بسوادهم ، وإنما لتربيهم وتقذف بهم تارة أخرى إلى أرض الحياة الواسعة ليحاولوا إصلاح المعوج واستئناف حياة الإيمان ورفع بناء الحضارة الإسلامية الجديدة، ولا بد أن يضع كل نبيل حجرا في هذا البناء ليشمخ ، ودونه الإختيار والتلون، ويقسم الله له بعد النية وبذل الجهد ما يشاء.
* الجهد الثالث: استلام عمل تنفيذي أو مركز إداري في مؤسسة إسلامية ، مثل جمعيات الإصلاح أو لجنة أفريقيا ، أو الهيئة الخيرية العالمية، أو صناديق الزكاة ، أو ملجة إسلامية ، تطوعا بلا أجر لمدة سنة مثلا ، فإن ذلك يعلمه فن التعامل والإدارة ، ويعرف من خلاله طبائع الناس ، ويؤدي إلى قوة في الشخصية ، وخبرة واقعية. وفقه الخدمة في هذه المؤسسات هو نفس فقه الرحلات والتواجد في الساحات الساخنة والمكوث الميداني، ونحب فقه الرحلات والتواجد في الساحات الساخنة والمكوث الميداني، ونحب لإخوننا أن يخرجوا من المجتمع الضيق إلى المجتمع العام، وأن يملأوا أوقاتهم بخير، فإن الفراغ مفسدة ووسوسة ، وتعرف شباباً كان يؤخرهم الحياء بشكل سريع ملفت للنظر حتى لكأنهم ليسوا أولئك، وأصبحوا أكثر نظامية ووعيا ودقة في العمل، ونحسب أن الأبواب ما زالت مفتوحة أمام أكثر إخواننا لنيل مثل هذا التطور ، والعمل الدعوي في بعض البلاد بخاصة يفتقر بسبب الظروف الصعبة إلى مثل هذه المؤسسات، وتبرز اليوم فرصة لمن يقيمون في بلاد حباها الله بمؤسسات، أن يتدربوا فيها لينقلوا إلى بلادهم خيرة عزيزة المنال.
التكميل والتسهيل والتقويم والتناسب .. شروط النجاح
هذه هي آفاق سلسلة العمليات التطويرية ، ومن شأن هذا التخطيط لو نفذ أن يرفع مستويات المشاركين ، بإذن الله وتوفيقه وتيسيره ، وأن يحرك عناصر الإبداع والاستواء فيهم، ليكونوا من صناع الحياة.
لكن النجاح في التنفيذ والوصول إلى النتيجة المرجوة منوط بشروط عديدة فيها تكميل وتجويد:
* الأول: وجود محور إداري لكل هذه التشعبات العلمية والعملية، بحيث تكلف مجموعة ثلاثية مثلا يوضع الجداول التنفيذية وتعيين حجم الدروس وتواريخها وإمكانها ومدرسيها ، وكذلك الفعاليات الأخرى المحلية، والرحلات ، وتحاول أن تسيطر على حركة التطوير وتضبطها، وتظل تراقب وتحاسب وتنبه الناسي وتسأل عن التوقف، وكذلك تطبع ما ينبغي طبعه، وتتولى توزيعه، وتوفر كتب المطالعة لنادرة، وتوفر المال اللازم وتدقق في عملية صرفه ، وتراسل العناصر المعنية وتخابر وتبرق ، بحيث أن الثقل الإداري يرتفع عن كاهل المربين.
* الثاني : تقديم جوائز تشجيعية للمشاركين يجد واهتمام ، ووضع حوافز ودوافع لبذل مزيد ، فإن الإحسان جزاء الإحسان، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى، والإنصاف يدعو إلى المكافأة والاعتراف ، ولكن جوائزنا لا تكون مادية وبمقاييس دنيوية وتجارية، وإنما هي سامية بمقدار سمو البذل الدعوي، كأن نبعث الريص على تطوير نفسه وتطبيق المنهج في رحلة مجانية إلى مؤتمر متميز أو ساحة ساخنة ليرى ويشافه النبلاء ، أو تزوده بكتب قيمة.
* المثال الثالث: تكميل المنهج العام بمنهج خاص للبعض في مرحلة لاحقه يحسب ما يكلفون به من الأعمال التخصصية ، وعلى الأخص: أولئك الذين سيتولون التربية ، فإنهم بحاجة للتداول في أمور المنهج وتطبيقه، وكيفية حل مشاكل الأفراد ، وتقوم المطالعة الشخصية بدور هام في هذا التكميل إلى جانب تفهيم الأعراف ورواية التجارب.
* الرابع: إتباع سياسة في اختيار الطلاب خلاصتها وشعارها ( التساهل والتسهيل) ، بحيث توسع الإدارة في الإختيار، وتعلق التشدد ، في محاولة تجريبية لإشراك عدد أكبر وإتاحة فرصة التطور لهم أن كان الله تعالى قد كتب لهم في ا لقدر الارتفاع. وقد تخامر الذهن فكرة إطلاق المسألة تماما وفتح الأبواب على مصاريعها وتطبيق منهج التطوير على كل رجال الصحوة وحملة الأمانة، تعرضا لهذا القدر الرباني ، إذ لا ندري كم من عناصر مختبئة تحت ستار الحياء أو تحت ضغط المشاكل الحياتية يمكنها أن تنتفع ، وهذا الاحتمال منفعة إيجابية تكاد ترجح جانب الإطلاق والتعميم لو لا أن تجاربنا الأخرى تفيد باقتراب ذلك بسلبية شوهدت لدى بعض الجدد وأصحاب القابليات الضعيفة إذا سمعوا أحاديث الفكر المتقدم في فقه الدعوة مما لا يمكنهم استيعابه بسبب قلة تجاربهم أو لأسباب فطرية ، لأن هذا التنظير يجعلهم يتدخلون بفضول فيما لا يعنيهم من المباحث ، ويقلل في أعينهم هيبة المربين وقدماء السائرين ، مما جعلنا نميل إلى مواصلة العمل بالعرف الراسخ في اختيار النخبة وحجب هذا الخير عن البعض عمداً، رفقاً بهم وانتظارا لنضوجهم التدريجي من خلال التربية والمعاناة، وليس الخطأ في الاتجاهين معا، بإن يرشح داعية وهو دون المستوى المطلوب، أو يحرم آخر من المشاركة وهو أهل ولعل شعار التساهل يقلل هذا النوع الثاني من الخطأ، ويبقى حق الأمراء ، في الاجتهاد في الاختيار أصلا صحيحا ، وفي تكثيف التربية تعويض لمن يحرم.
وأما تسهيل فهو المعنى المكمل الذي يجعل المجموعة المختارة أكثر تفاعلا مع المهج وعموم فعاليات التطوير، ونعني به تسهيل طريق الإنسحاب للمرشح إذا كان مستثقلا للحضور والمشاركة ، أو يظن أنه تجاوز هذه المرحلة وله عنها استغناء ، أو لا يستطيع الانسجام مع الآخرين ، أو لأسباب أخرى، وسبب هذا التسهيل أننا نعتقد بأن الوعي لا يأتي بالإكراه، وأن التبرم والتافق يفسدان الجلسة، وقد يضطره ذلك لإعلان زهده بما يسمع فيكون من ذلك التشبيط للآخرين ، في مفاسد أخرى ، ولذلك تتوسع في قبول اعتذار المعتذرين ، ونهب بضاعتنا للراغب الحريص فقط، الذي يأتي بنية الاستماع والسؤال والمناقشة، ويرجع وهو من الشاكرين. وإنما نعني قبول اعتذار من بزهد بالدراسة كلها ، ولا نسمح له بأن يقبل المشاركة ثم يتغيب جزئيا ويحضر مرة ويغيب مرات، كحق ممنوح له ولو بدون عذر قاهر، فإن هذا النمط من التخلخل يولد اضطرابا للإدارة والمحاضرين والدارسين، ويغري بانحلال العزائم وكثرة الترخص، فمن نوى الصبر فبها ونعمت، ومن أضمر التقطيع فلينقطع ابتداء ، ولينتظر المستقبل، لعل ظروفه تتحسن وهمته تقوى ، وسيبقى أخا عزيزا، ومن أقبح الجهالة أن يتكبر محاضر أو مشارك على إخوان له في الصف رشحوا فاعتذروا مهما كانت الأسباب.
* الخامس: تجزئة رحلة التطوير إلى مراحل ومواسم ، لأن طولها الممتد يؤسس شيئا من الممل في النفوس ، ربما ولا يستطيع كل أحد الإنتظار والصبر، وخير الحلول: أن تقسم الدراسة إلى أربعة فصول، وبين كل فصلين راحة وتفرد أو تخلط العارف في الفصل الواحد، تبعا لأسباب ، وتكون كثافة الدروس وكثافة تنفيذ الفعاليات خلال الفصل الواحد متباينة ، وهذه مسائل تختلف من بلد إلى بلد، وصيفا وفي الشتاء، وتؤثر فيها طبيعة مهن المشاركين ، وعلى أي حال فإن التقسيم إلى فصول ليس هو مجرد تسميتها فصولاً، وإنما يترجم ذلك في صورة توزيع للدروس إلى أربع كميات تضبطها جداول تنفيذية متناسقة ومتدرجة.
* السادس: ضرورة ( التقويم ) ووزن المشاركين في آخر الدراسة، ووصف مدى انتفاعهم ونجاحهم في الاستفادة من معطياتها ومن الفرصة التي أتيحت لهم. وهذا التقويم هو عملية لأزمة مرتبطة أرتباطا وثيقا بالمتابعة الإدراية اليومية، ويعتبر خاتمة لها وتتويجا للاهتمام التطويري ، لكي يجازي المتوكل المحسن وتتاح له مجالات الارتقاء وتسند إليه المهمات، ولتعاد الكرة مع الكسول المتواكل ونتريث في تكليفه بشيء، وليس هذا التقويم في نهاية الدراسة فقط، بل يجب أن يتم في نهاية كل فصل من الفصول الأربعة ، وتوضع معايير للنجاح ودرجات وأوصاف.
لكن الدعوة الإسلامية دعوة أخلاق وتكريم للنفوس ، ولذلك لا يقاس النجاح بعدد ركعات وختمات، وإنما بآثار تبدو على الداعية تطبعه بطوابع الرقة والعفاف والحياء والنبل والكرم وخفض الجناح، وتتدخل الفراسة في تقدير وجود هذه الآثار تدخلا كبيرا ، وربما ميزت ما هو من التدين الفعلي أو التكلف الذي يدل على بقية كدر في القلب، وهذه الفراسة حق للمربين لا يمكن أن تنتزعه منهم دعوى متشبه أو مستشرف.
وكذلك الفهم العملي المعرفي ، لا يقاس النجاح فيه بعدد كتب بطالعها المشارك أو حفظ لنصوص، وإنما هي لمعة فكرية توجد فيه تفصح عن استعداد للاجتهاد والفهم الحر وتدل على أنه ليس بالمقلد المردد. وهذه اللمعة تراها الفراسة إذا لمعت ، وقد لا ينتبه البعض إلى أن جهة من الجهات ليس فيه وميض يدل على قدح ، أو قد لا يلاحظ آخرون أن ركنا من الأركان لم تنطلق منه شرارة تنبي عن استعداد ثواره، ولكن الإمارة بتجربتها قد تنتبه ونلاحظ وترصد علاقات الخمول هذه فتحكم بأحكام يستغربها الظاهرون ، وحكمها هو من حقها في الاجتهاد ، والذهن الحي له اتقاد يبهر الأبصار سناه، وله صوت يفرع الألباب صداه.
* السابع: ضرورة تناسب كثافة الواجبات مع ظروف كل مشارك، فإن كل نشاط مكلف بواجبات كثيرة ، ثم تأتي خطة التطوير فتضيف عليه مثلها، فيكون حمله ثقيلا، والمفروض أن تراعي الإدارة ذلك فتأمر بما هو في حدود الاستطاعة ، وتفسر منهج التطوير بالحسنى، فإن الإرهاق يولد النتائج العكسية وإذا أردت أن تطاع فلتأمر بما يستطاع.
إن الصاعد الجيد المستوى الذي يعيش ظروفا عادية يمكن أن يكلف بكثافة ، وأن نلزمه بالعزائم ونقطع عليه طريق الرخص، ولا بأس بإتعابه ، فإن المعركة تتطلب التعب والسهر، ولكن آخرين تتعبهم مهنهم ، وعليهم واجبات وظيفية مضاعفة، وفي ظروفهم العائلية تعقيد ، ومن اللازم أن تخفف عنهم، وأحيانا تكون الظروف العامة كلها في بلد من البلدان أصعب من البلاد الأخرى ، وفي هذه الحالة يكون من السائغ الخفيف عن الجميع ، والقاعدة في ذلك: أن نفهم أن البذل أصل، وأن أخذ الدعاة أنفسهم بالشدة واجب، ولكن الضرورات تبيح المحظورات ، وتقدر كل ضرورة بقدرها، ولأولاد الداعية وزوجة حقوق ، والنفس تشتهي الراحة أحيانا ، وفي إجابتها إلى ذلك مصالح، وفي التنطع بأس ، والشيطان يفرح بالإفراط والمبالغة فرحة بالتفريط ، ومجازات المواعظ إنما نطلقها لحث وليست هي من المواد القانونية الصارمة، وليس يصعب على من يتحرى الإنصاف أن يكتشف معاني التعامل النسبي، وأن يتصلب مع همام ويلين مع آخر في آن واحد ، يحسب ظروفهما ، واستعداداتهما ، وبين الاثنين ثالث يليق له التوسط والاعتدال.
عرفت ... فالزم ...
ويعد ... فإن هذه الرسالة قد كتبت لتكون بمثابة مقترحات حول كيفية التحضير للتطوير ، ثم لتقرأ كل هذه الوثيقة كلمة بعد كلمة ، مع الشرح على طلاب المدارس الريادية ، ليعروفوا غايتها ووسائلها ودورهم في إنجاحها.
أن هذا هو مدى فهمنا لطريق الإرتقاء... وما تخلو خطة من مسحة اجتهادية وطبيعة ذوقية خاصة بمن وضعها ، وتتدخل تجربته الذاتية في تفاصيلها ، وفيفضل أموراً ويحرص عليها إذا يخالفه غيره في جدواها ، فإذا لمس الأخوة شيئا من هذا فليتأولوا لنا ، وليحسنوا الظن.
فلبعض الجميع في طريق التطور على بركة الله .
ولنبذل وسعنا كلنا وأحسن ما نستطيع.
ولنتفاءل بالخبر، فإن المستقبل لهذا الدين ، كما ميزه السيد مبكراً، وكأن الله جل ثناؤه يريد أن يرحم المسلمين بعد دهر من الظلم والظلام ، ونحن الذين صدحنا بالتباشير في كل واد في أول الزمان، ونظن أنها عند مواطئ أقدامنا ، حيث كان صبرنا ، سنتنزل الرحمة في آخره.
فلولا أسرع الصعود على سلم التطور المقدامون ، ودعوا بالسلام لإخوانهم ويرحمه الله ، وبركاته .
بقلم محمد أحمد الراشد