رسمت دراسة روسية صدرت حديثاً عن معهد الشرق الأوسط في موسكو، صورة متشائمة لاحتمالات التطورات المقبلة في اليمن، وتوقعت بان الرئيس علي عبد الله صالح سيضطر للاستقالة إما نتيجة الانتخابات التي تطالب بها المعارضة أو اندلاع الاضطرابات على وفق السيناريو القيرغيزي.
وتقول دراسة مقتضبة صدرت حديثاً عن معهد الشرق الأوسط بموسكو بان عدد من الخبراء يرصدون مؤشرات على أن الوضع في اليمن سيتفاقم قريبا بحدة، إذ تخطط المعارضة لتنظيم احتجاجات جماهيرية حاشدة في القريب العاجل في الجنوب وفي الشمال، تكون عدن وتعز وعمران مراكز الاحتجاجات الرئيسية. وسيشارك في الاحتجاجات على وفق تقديرات منظمي الفعاليات مليون شخص. مشيرة إلى إن هذه الفعاليات التي تقوم بها جبهة المعارضة "اللقاء المشترك" تجري بعد فترة قصيرة من التوقف والهدنة. وتشهد بوضوح على إن الحوار بين الحكومة والمعارضة وصلت لطريق مسدود.
وقالت الدراسة إن القوى المعارضة للرئيس علي عبدالله صالح تطرح من بين شعارات أخرى ضرورة إدخال تعديلات على القانون الانتخابي وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.وبهذه الحالة فان الرئيس اليمني الحالي سيجد نفسه " خارج العملية" من دون أي خيار يتيح له نقل مقاليد الحكم لنجله. وحسب الدراسة فإن هذا هو الهدف الرئيسي للرئيس صالح، الذي لا يقدم بسببه على أي حل وسط.
وأعادت الدراسة التي أعدها خبير شؤون اليمن بيوتر ريابوف إلى انه كان قد سبق الاحتجاجات الجماهيرية المخطط لها، التوقيع على اتفاقية انضمام الحوثيين لتحالف " للقاء مشترك".أي تلك الجماعة التي خاضت مواجهات حامية مع القوات الحكومية.معربة عن القناعة أن هذا القرار لم كن محض صدفة.فقد كان موقع الحزب اليمني الاشتراكي على الانترنت هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة في البلاد التي خصصت مكانا خاصا لمواد حركة الحوثيين.
وتقول: "يرتبط بذلك اعتقال واغتيال عدد من الصحفيين المعارضين". ولفتت إلى أن أحدا لم يسمع ولم ير من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الغربية ردود فعل "غاضبة" بهذا الصدد، وقالت أن السلوك العام "للغربيين" يعكس رغبتهم بعدم ملاحظة "اللحظات المنزلقة" من اجل شد أزر القوى المركزية التي بمقدورها منع البلد من الانزلاق في الفوضى وتقوية مواقع الحركات الإسلامية الراديكالية.
وحسب الدراسة فتعد هذه السياسة إجراء اضطراري لان الغرب لا يمتلك في الوقت الحاضر القوة للتأثير فعلا على تطور الوضع باليمن ووفقا لتقديراتها فان الحصيلة الطبيعية لموقف "المراقب" هذا، يمكن ان تصبح في نهاية المطاف انهيار كافة البنى الاجتماعية والمؤسسات الاجتماعية في البلد في القريب العاجل.
وقالت أن الخط العام للمعارضة حاليا يتمثل بإقامة ظروف ترغم الرئيس علي عبد الله صالح على الاستقالة. ولذلك ستستخدم كافة الأساليب. وسيضطر صالح للتخلي عن السلطة في أي شكل ستتخذه التطورات سواء كان بإجراء انتخابات أو بتطور الأحداث وفق سيناريو" الخيار القيرغيزي". منوهة بان المعارضة تراهن على ان السيناريو القيرغيزي هو الخيار الرئيسي للتطورات المرتقبة. ومن هنا يجري دمج المشاركين في التمرد الأخير على أساس شرعي. وأن السياسة الحالية لنشاط الحوثيين لا يستثني أبدا استئناف المواجهات العسكرية. ومن دون شك أن الأمور ستتطور على هذا الطريق إذا ما بقى الرئيس صالح بالسلطة بعد "الهبة الجماهير الربيعية/الصيفية".
مخاوف من رحيل صالح
وأكدت الدراسة على أن هناك مخاوف في المنطقة وفي حلف الناتو من رحيل صالح عن السلطة. فليس ثمة ضمانات من ان "اللقاء المشترك" سوف لن "يختنق بالكعكعة" التي سيحصل عليها، آذ يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن جبهة المعارضة ستكون موحدة وغير منقسمة مادام الرئيس صالح في صنعاء يشغل منصب الرئيس. فبعد رحيله مضطرا فستختفي الفكرة المشتركة التي يلتف المعارضين حولها في الوقت الحالي، وتبدأ " عملية فرز وتصفية حسابات داخلية".
وهذا ما يثير مخاوف الولايات المتحدة والدول المجاورة فليس هناك زعيم خارازمي يتمتع بنفوذ لدى كافة القوى السياسية. وبحسب الدراسة فان عمل الرئيس صالح على مدى سنوات طويلة الرامي لتطهير الأفق السياسي قد حقق هدفه وحتم توجه الوضع نحو فوضى داخلية لفترة طويلة قادمة.
وتبين أن تردي الحالة الاقتصادية تعمل على تفاقم هذه النزعات، لاسيما ان المساعدات التي وعدت بها بعض الدول لليمن لنزع فتيل التوتر الاجتماعي،مازالت حبرا على ورق. وهذا، كما ترى الدراسة يعكس ميول قيادات تلك الدول، التي عبرت مرارا عن شكوكها بشان استعمال الأموال الممنوحة.
وأشارت إلى أن المساعدات التي تقدم عن طريق الأمم المتحدة ليست على ما يرام. وأسفرت الحرب الأخيرة مع المتمردين، وفقا للمعطيات الرسمية فقط، عن تشريد حوالي 30000 شخص.
ويعمل على تفاقم الوضع بهذا الجانب وجود حوالي 170 ألف لاجئ صومالي، الذين يمثلون جماعات منظمة على أساس الانتماء القبلي، واللذين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم في حال تفاقم الوضع الداخلي. لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار أن البلاد مشحونة بالأسلحة ففي هذه الحالة يمكن تجند مختلف القوى السياسية من دون صعوبة اللاجئين الصوماليين الذي يعدون مقاتلين أشداء وتستخدمهم بمثابة "كقوة مشاة في صفوفها".
ويعمل على إضفاء المزيد من التعقيد على الوضع حقيقة الفوضى المالية في ممثلية الأمم المتحدة، التي قلص المركز تمويلها هذا العام بحدة تزامنا مع امتناع كافة الدول المانحة من تحويل أقساطها التي وعدت بها سابقا وبالنتيجة فان دور الأمم المتحدة في اليمن تقلص بشدة على المسار اليمني. ووفقا للتقديرات الدولية فان اليمن بحاجة إلى مساعدات سنوية تقدر ب 16 مليون دولار، بينما تسلمت صنعاء 3% من المطلوب.
وهناك سبب آخر يدفع اللاعبين الرئيسين لمنع التغيرات في اليمن، تتمل بخطر تكثيف " القاعدة" من نشاطها في شبه الجزيرة العربية، والتي يلعب الرئيس صالح بشدة على ورقتها. على حد تقديرات الدراسة.