فِي رِثَّاءِ ابْنِ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ وَقَدّسَ رُوْحَهُ-
جل المصـاب وزاد همـي الخبـر
حل المشيب بنـا والغـم والسهـر
شل القلوب أسـى والبيـن مثلمـة
والأرض مظلمـة يجتاحهـا قتـر
يمضي الزمان علـى هـم أقلبـه
لو صب في جبـل لصـدع الحجـر
تجري السنون ولا شهـر نسائلـه
مضى محرمهـا وقـد بـدا صفـر
أيامهـا دهـر وليلـهـا سـنـة
لم يحيني طـرب فيهـا ولا سمـر
عفا الإمـام ولـم تخبـو مآثـره
عبد العزيز وهل يخفى لنا القمـر؟!
شيخ العلوم أبو الأشيـاخ مجتهـد
فـذّ أريـب نجيـب وصـفـه درر
قطب الحديث وطود يـا أخـا ثقـة
طب القلـوب لـه قـدر ومعتبـر
نـدُّ الزمـان ولا ميـن يكذبـنـي
في الحاضرين ولا ما ادعـي هـذر
لم يثنه ملـل عـن كـل مكرمـة
يدعو بهـا وكـذا لـم يثنـه كبـر
من كان فيه هوى يشنا به علمـا
فهو الصفيق وفـي إيمانـه نظـر
إني لفي كمد ، إنـي لفـي وجـل
الشوق مضطرم والحـزن يستعـر
هل من دليل إلـى شيـخ يشاكلـه
أو من قريب له يبدو لنـا الخبـر؟
رباه يا أملـي قـد هدّنـي حـزن
وضمني قلق واشتـد بـي ضجـر
جسمي لمرتعش والنفـس مكلمـة
والقلب منه دمي يرغـي ويعتصـر
البـال منكسـف والحـال منهكـة
والدمع منحـدر والنفـس تنفطـر
إني لفي عجـب مـن حبـه ثمـل
لو بحت عنه هنا لاستنكـر البشـر
واهـا لطلعتـه واهـا لبسمـتـه
فبحـره غـدق ووجهـه قـمـر
أوقاتـه سنـد يدليـه فـي ثقـة
يروي الحديث ولا يعلـو ويفتخـر
إن جئت مشتكيا أرضاك في عجـل
أو جئت ملتمسـا عونـا فمقتـدر
شجـاع أمتنـا وصدقـه عـلـم
النصح مذهبه لا الجبـن والخـور
أما النحيـب إذا خـاف الإلـه فـذا
لزيـم هيئتـه وهكـذا سـبـروا
كم قالها حكما كـم قالهـا عبـرا
كم قالها ووعى ذا الفـرد والأسـر
ما عاب ملتزما ما اغتاب منحرفـا
تبرى سريرتـه ومـا بـه وحـر
كم كان مطلعه والقلب فـي فـرح
قد غاب مشرقه في الجنـة النظـر
من للبخاري إذا طل الصباح ومـن
يفري الصحيح إذا شيخ الورى قبروا
مـن للبلـوغ وللأوطـار منفـرد
لله مـا ذهبـت أيامـهـا هــدر
من للفتاوى إذا ما غـاب عالمهـا
من للقرآن إذا ما أشكـل السـور
من للغيـور إذا تمضـي متارسـه
من للدعـاة كـذا للحـق ينتصـر
يا طائرا فرحا في الجـو مفترشـا
بلغ مقالة مـن بالخطـب يحتضـر
بلغ مقالـة مـن بالفـال مكتنـف
جفـت مدامعـه أو كـاد ينفـجـر
لا بد مـن أمـل فـي الله مرتقـب
فعهـده بلـج ووعــده سـحـر
إني على ثقـة أن ينجلـي خلـف
إنـي لمرتقـب للصبـح ينتـشـر
لله كم تـرح يمضـي وكـم فـرح
يأتي وكـم سعـد يتلوهمـا كـدر
إن العزاء لنا إيمان مـن علمـوا
أن الإلـه قضـى والنافـذ القـدر
إن الحيـاة لنـا ممـر معـتـرك
فساقـط بشـر وسـالـم نـفـر
كم عالم سلبـت نفسـا لـه غيـر
كم هالك كمدا بالحزن قـد غبـروا
رب العبـاد ألا فاجعـل منـازلـه
علو الجنان لـه قصـر بـه نهـر
واجعـل مقاعـده تـروي مراقـده
ومد ملحده فيمـا حـوى البصـر
إن العزاء لبيت البـاز فـي علـم
عوضتموا خلفـا والله فاصطبـروا
وفي الختام خذوا من حرقتي مثـلا
يمضي الكتاب فلا يبقـى ولا يـذر
لو كان من أحد ينجو علـى حـذر
من موتها لنجا عدنـان أو مضـر
لكنـه أجــل لا بــد مكتـمـل
يصـلاه مختـرم خبـاب أو عمـر
لا تركنن إلـى الأسبـاب معتمـدا
فالاعتماد على الأسبـاب محتقـر
تأتي المنون على أرواحنـا غيـر
والنفس ذائقـة للمـوت يـا بشـر
ثيابهـا كفـن وطيبـهـا حـنـط
وضوءهـا غسـق وبيتهـا حفـر
إما إلى سعـة فـي القبـر باديـة
أو في ثرى حفـر ميعادهـا سقـر
لله كـم ملـك بالسـؤل مؤتـمـر
لله كـم ملـك أعمالنـا خـبـروا
من منكر ونكيـر مـا لنـا هـرب
عمـا يـراد لنـا كــلا ولا وزر
للنـار مؤتمـن فمالـك حــرس
وللجنـان يـرى رضـوان يأتمـر
رباه إن لنـا فـي عفوكـم أمـلا
ما خاب ملتمـس والذنـب يغتفـر
أنت الملاذ لنـا مـن كـل حادثـة
أنت العياذ لنا من كل مـن حقـروا
ثم الصلاة علـى المختـار سيدنـا
ما طاف معتمـر أو حـج مفتقـر
اللشيخ سعود الشريم امام الحرم