السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
لا شك أن الإسلام قد حرم السحر والعرافة والكهانة ، والحكمة من ذلك هو الأمور الهامة التالية :
1)- حرص الإسلام على سلامة العقيدة :
حرص الإسلام على سلامة العقيدة في قلب المسلم ليكون دائماً وأبداً متصلاً بالله معتمداً عليه مقراً له بالربوبية 0 مستعيناً به على الشدائد في هذه الحياة لا يتوجه لغيره في الدعاء ولا يقر لسواه بأي تأثير أو تحكم في قانون من قوانين الطبيعة التي خلقها الله تعالى وسيرها بعلمه وقدرته وإرادته ؛ فالنجوم والكواكب مسخرات بأمره كغيرها من خلق الله تسير وفق الخط المرسوم لها من الأزل ؛ لا تؤثر حركتها على الإنسان الذي خلقه الله على هذه الأرض ؛ وقدر له رزقه وعمره ، فلا ينتهي عمر إنسان ما بظهور كوكب أو إختفائه ؛ ولا يزيد رزق إمرئ ولا ينقص 0
فإذا زعم إنسان إنه يعلم الغيب باتصاله بالكواكب وتعظيمه لها واتصاله بالجن والشياطين وادعى بذلك أنه يستطيع أن يؤثر في قوانين هذه الحياة ويتحكم في مسيرتها الطبيعية بما يخرجها عما رسم لها يكون بذلك قد خالف شريعة الله وتجاوز حدوده التي وضعت له ؛ فلا جرم أن يحكم عليه بالكفر لتعظيمه غير الله واستعانته بغير الخالق ؛ وإثبات التأثير في خلق الله لغير البارئ 0
2)- السحر يصد عن العمل بالدين وأحكامه :
قص علينا القصص القرآني للذكرى ؛ وليبين لنا ما افتراه أهل الأهواء على سليمان من أمر السحر ؛ وكيف صد السحر اليهود عن أن يهتدوا بالنبي الذي بشر به كتابهم وبين لهم صفاته وأمرهم بالإيمان به ؛ ولا شك أن تركهم لبعض كتابهم كتركهم له كله ؛ لأنه يذهب باحترام الوحي ويفتح الباب لترك الباقي 0
3)- تعلم السحر واستخدامه كفر :
يعتبر القرآن الكريم السحر وتعلمه واستخدامه كفراً ؛ لأن الإنسان يتعلم ما يضره ولا ينفعه ، ويكفي أن يكون الضرر هو الكفر والعياذ بالله ؛ لأن العلم يجر غالباً إلى العمل ؛ والعمل بالسحر ضرر لا نفع فيه ؛ إذ لا نفع في السحر عموماً سواء من ناحية مجرد العلم به أو العمل ؛ كلاهما غير مقصود وغير نافع في الدارين لأن المؤثر في الحقيقة هو الله ؛ وفي هذا دليل على أن التحرز عن السحر واجب 0
4)- خسران الدنيا والآخرة :
من يستبدل ما تُعلّمه له الشياطين بكتاب الله تعالى ؛ فقد خسر الدنيا والآخرة والذي يشتري السحر ويفضله على كتاب الله لا نصيب له في الآخرة لأنه حين يختار السحر ويشتريه يفقد كل رصيد له في الآخرة 0
فما أسوأ ما باع به نفسه ؛ لقد باع نفسه بثمن ضئيل لا نفع فيه واشترى ما لا نفع له في الآخرة ؛ ودفع نفسه مقابله ؛ فهو خاسر في كل حال ، فما باعه خسره وهو نفسه ؛ وما اشتراه خسره لأنه لا ينفع في الآخرة 0
5)- ما فيه من إلحاق الضرر بالناس وإيذائهم :
إن الساحر قد يستطيع إيصال الضرر والبلاء والأذى بالناس وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه ولا يقتصر ضرره على المسحور بل يتعدى إلى من تعلمه 0
فلما ذكر الله تعالى إنه قد يحصل بالسحر الضرر ذكر أيضاً أن ضرره لا يقتصر على من يفعل ذلك به بل هو أيضاً يضر من تعلمه ؛ ولما كان إثبات الضرر بشيء لا ينفي النفع عنه لأنه قد يوجد الشيء فيحصل به الضرر ويحصل به النفع نفى عنه النفع بالكلية وأتى بلفظ " لا " لأنها ينفي بها الحال والمستقبل ؛ والضرر وعدم النفع مختص بالدنيا والآخرة لأن تعلمه وإن كان غير مباح فهو يجر إلى العمل به وإلى التنكيل به إذا عثر عليه وأن ما يأخذه عليه حرام هذا في الدنيا ؛ أما في الآخرة فلما يترتب عليه من العقاب 0
فيكفي المسلم رادعاً أن يعلم أن سيد المرسلين قال عن السحر إنه شر وأمر بدفنه حتى لا يتذكر الناس السحر أو يفتح باباً 0
( انظر بتصرف – تفسير المراغي – 1 / 178 ، 179 ، تفسير البيضاوي – تعليقات وشروح على أنوار التنزيل وأسرار التأويل – 1 / 117 ، تفسير آيات الأحكام للصابوني – 1 / 87 ، 88 ، البحر المحيط – لابن حيان الأندلسي – 1 / 333 ) 0
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية