براهين الإيمان
تفريغ الشريط التاسع
الحلقة 12
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين وبعد:-
كنا قد تكلمنا عن صفات الله سبحانه وتعالى، والآن نتكلم عن أسماء الله سبحانه, الأسماء التي تدل على تلك الصفات, الأسماء التي ننادي الله بها، ومعانيها في أذهاننا ونحن نتوجه إليه، هذه الأسماء هي موضوع ما سنقوله الآن .
- إذا ناداك أحد باسم حسن فإن ذلك يكون فيه التكريم، وإذا ناداك باسم قبيح فإنك تتألم وتغضب، ولذلك كان لابد لنا من أن نُحسن مخاطبة الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى، وأن نتجنب كل اسم يدل على عيب أو نقص أو لا يرضاه الله سبحانه وتعالى قال تعالى ]وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[ [الأعراف:180] ولذلك فمعرفة الأسماء الحسنى من تمام علمنا بالله جل وعلا ، ودعائنا له بها من تمام عبادتنا له.
- وقد أمرنا الله سبحانه أن نعلم بحقيقة تلك الأسماء التي سمى بها نفسه سبحانه وتعالى فقال ] وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ [البقرة:233] بصير اسم من أسماء الله وهذا يجعلنا نشعر بمراقبة الله سبحانه وتعالى،وقال ] فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ [البقرة209] وهذا يجعلنا نستشعر بعزته وقوته التي لا تهاد ولا تغلب ونستشعر حكمته التي لا يكون معها عبث وقال سبحانه ] فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [[المائدة:34] وهذا يفتح أمامنا أبواب اللجوء إلى الله ،والإنابة وعدم القنوط بسبب الذنوب والمعاصي، وقال سبحانه ] وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [[البقرة :244] هذه كلها أسماء الله جل وعلا أمرنا أن نعلم بذلك ]وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [[البقرة :244] ، وهذا يجعلنا نتجه إليه بالدعاء لقضاء حوائجنا فهو سبحانه سميع مجيب الدعاء.
- وعلينا أن نتحرى فنحسن في أقوالنا وأفعالنا فهو عليم بجميع أمورنا، وقال تعالى ] وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ[ [البقرة:235] وهذا يعرفنا نسبة حلمه على عبادة فلا يعجل ولا يتعجل في عقاب الكافرين، وفي أخذ المذنبين الذين يستحقون، ولكن كذلك في نفس الوقت أن هذا الذي نجده من حلم الله سبحانه وتعالى لا يغرينا بالاسترسال في المعاصي.
والله يقول ] وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [[البقرة:196]] فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[[المائدة:34] هذان هما الجناحان اللذين يطير بهما المؤمن في علاقته بربه يعلم أن الله شديد العقاب فيجعله يخاف ويحذر ولكن يعلم أن الله غفور رحيم، فيتعلق قلبه بالخوف من ربه ويتعلق بالرجاء من ربه سبحانه أن يغفر له كل ذنب.
ويقول الله جل وعلا ] لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ [ الطلاق:12] هذا يجعلنا نثق به ونتوكل عليه فلا يعجزه شيء سبحانه وتعالى، وقال تعالى ] وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ[[إبراهيم:52] وهذا يجعلنا نخلص لله ،ونصفي من قلوبنا كل ما يكون لغير الله جل وعلا ونتعلق به، وحده فهو الإله الواحد الذي يستحق العبادة وحده ،والتعلق به سبحانه وتعالى.
- وهذه أسماء أمرنا الله أن نعلمها ،وهناك أسماء كثيرة وردت في كتاب الله، ووردت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلها أسماء حسنى.
ما المقصود من هذه الأسماء الحسنى؟ أنت عندما تقول هذا حكم فهو اسم يدلك على هذه القيمة، وعندما تقول هذا كتاب جئت بمصطلح يدل على هذا الكتاب.
فنفرق بين العلم وبين الكتاب بالاسم الذي وضعناه،فإذا أردنا أن نتكلم عن الله فما هي الأسماء التي نعبر بها للدلالة عليه؟ إنها الأسماء الحسنى التي ليست مجرد ألفاظ نستدل بها على الله سبحانه فحسب، وتليق به سبحانه فحسب بل هي أسماء حسنى تحمل المعاني العظيمة، والشرف العظيم لله جل وعلا،ولو لم تدل هذه الأسماء على معان عظيمة ما كانت حسنى.
- وبعض الناس الذين يجادلون في هذا فيقولون هي فقط أسماء وأعلام فقط لمجرد العلمية يعني نعرف الله سبحانه وتعالى ولا تحمل معاني.
- وقد رد على هؤلاء العلماء فقالوا معنى ذلك كأنك تقول يستوي عندي كل الأسماء لأنها لا معنى لها ،فإذا قلت اللهم يا قوي يا جبار ويا منتقم اغفر لي هل يليق ،وهل يليق بك أن تقول كذلك يا غفور يا ودود يا لطيف يا تواب يا رحيم؟ أو تقول اللهم يا رافع اللهم يا جبار اعطني ،واعطني ليس هكذا ولا يليق.
هذا الأسماء تدل على معاني ومعاني عظيمة تليق بجلال الله سبحانه وتعالى.
- وهناك مسألة يبحثها العلماء ،هل هذه الأسماء توقيفية؟ يعني لا يسمح أن يسمى الله بغيرها أم أنه يجوز أن يسمى الله بأسماء لم ترد في الكتاب، ولا في السنة، والله سبحانه وتعالى يجيب علينا في ذلك فيق]وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا...[ [الأعراف:180] فالأسماء الحسنى هي لله وتدعون الله جل وعلا بهذه الأسماء،أنت إذا وقفت عند ملك فإنما تطلق عليه أسماء فريدة، وجميلة فنقول يا أيها الملك يا أيها العظيم يا أيها الكريم يا أيها كذا ... فنحن ندعو الله جل وعلا بأسمائه الحسنى، ولكن قال العلماء يجوز إذا أردت أن تشرح معنى من المعاني اللائقة بالله سبحانه وتعالى، كأن تقول مثلا في العلوم الحديثة يتكلمون عن الذرة فإذا قال أحدهم: الله الذي يجري الالكترونات ـ وهي جسيمات صغيرة توجد في الذرة حول النواة في الذرة ـ فإذا قال هذا لا مانع، لا باس من هذا الوصف، أو قال الله هو الذي يجعل الدماء تجري في أجسامنا لا مانع، صحيح ما ورد النص بهذه الألفاظ أو بهذه الكلمات في الكتاب أو في السنة ،ولكن المعاني صحيحة للدلالة أو للشرح، ولكن عندما ننادي الله جل وعلا فنناديه بأسمائه الحسنى ]قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [ [الإسراء :110]. فإذا أردنا أن نناديه أو نخاطبه فلنخاطبه بالأسماء التي عرفنا بها سبحانه وتعالى.
وعلى هذا فأسماء الله هي التي يدعى بها، وهي متعددة فمنها ما يدل على الذات الإلهية، الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: ] لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*هُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [[ الحديد: 2-3] والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء. كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم(1), فقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم معنى هذه الأسماء.
- ومن الأسماء المتعلقة بذات الله مثل اسمي (الحي و القيوم) وقد وردت في قوله تعالى ] اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ[ [البقرة:255]. فهو الحي الذي لا يموت كما بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم "أنت الحي الذي لا تموت"(2) وحياته لا يهددها موت لأن جميع أسباب الموت من خلقه سبحانه وتعالى.
- وهو القيوم القائم على كل شيء، والحافظ لكل شيء،وبه يقوم الكون والوجود، وكذلك لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يأخذه نعاس أو نوم ،و إلا لو أخذه نعاس أو نوم ضاع هذا الكون واختلط أمره فهو الحي القيوم سبحانه وتعالى.
- وهناك أسماء متعلقة بالعلم، مثل العليم وهذا من البديهيات، من البديهيات أن الله عليم بخلقه وقد قال في كتابه ] أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [ [تبارك : 14]. كيف لا يعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير سبحانه، وقال تعالى ] وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ [البقرة:231 ] ما من صغيرة ولا كبيرة في الكون كله ولا في دخائل النفوس إلا والله عليم بها ،وهذا يدعونا إلى مراقبة الله جل وعلا.
- وقال تعالى: ]وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [[ البقرة:235]. ومن هذه الأسماء المتعلقة بالعلم مثل السميع والبصير قال تعالى ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [[ الشورى: 11]. ومثل الخبير اسم الخبير كما قال تعالى ] وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [ [الأنعام:18] ومن هذه الأسماء المتعلقة بعلم الله سبحانه الشهيد قال تعالى ]أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [[ فصلت:53]. هكذا بقية الأسماء الدالة على العلم.
- وهناك أسماء أخرى تتعلق برحمة الله سبحانه وتعالى، وسعت رحمته جل وعلا مثل الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، الرحيم الذي يرحم عباده المؤمنين ومثل البر، التواب، الحليم، الرؤوف، العفو، الغفار، اللطيف الودود، كلها أسماء تجمعها معاني الرحمة، وتتعلق بصفة الرحمة،وهناك أسماء متعلقة بالقوة مثل القوي، الجبار، العزيز، القاهر جل وعلا، القهار المهيمن، المتين .
وهناك أسماء تتعلق بالمجد مثل المجيد الحميد، وهناك أسماء تتعلق بالكرم مثل الكريم الأكرم، الرزاق، الغني الفتاح ، المقيت الوهاب.
وهناك أسماء تتعلق بالخلق مثل الخالق ، الخلاق ، البارئ المصور، الحفيظ القيوم.
] هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ [ الحشر:24].
وهناك أسماء متعلقة بالعلو العلي الأعلى، الظاهر المتعال ،وهناك أسماء متعلقة بالعدل والجزاء الحي الحق ، الخبير الشاكر، الشكور، وقال تعالى: ] ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [ [الأنعام:62].
وهناك أسماء متعلقة بالملك مالك الملك، المليك المهيمن ] هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [ [الحشر: 23].
وهناك أسماء تتعلق بالتوكل على الله جل وعلا مثل اسمي الوكيل ، والولي قال تعالى: ] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [ [آل عمران: 173] نعم الوكيل عندما يقول لك أحد الناس، وكل أمرك إلي، كل شيء عليَّ ،فكيف عندما يكون وكيلك هو الله جل وعلا الذي يقول للشيء كن فيكون، هو الولي الذي يتولى أمرك وحسبك الله و يتولاك الله، قال تعالى: ] أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ [الشورى:9]. هذه الأسماء العظيمة لله جل وعلا هي التي ندعوه بها، ونفهم معانيها، ونذكر الله بهذه الأسماء فتصور ما تحمله من معاني، ولكن هل لها عدد محدود؟ ورد حديث هذا الحديث الذي رواه الترمذي، وفي هذا الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لله تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحد لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر "(3) وفي رواية: "من أحصاها دخل الجنة"(4) وفي بعض الروايات عند الترمذي، وغيره روايات لهذا الحديث ذكر فيه الأسماء التسعة والتسعين لكن المحققين من العلماء قالوا هذه الأسماء التي ذكرت في الحديث ليست من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما أدرجها بعض الرواة استنباطا منهم لأسماء الله جل وعلا التي وردت في القرآن.
ـ والإمام الغزالي قال راجعت كتاب الله وهذه الأسماء التي وردت في بعض روايات الترمذي ما وجدت من الأسماء الموجودة في كتاب الله إلا ثمانية وتسعين اسما في القرآن.
- وأما ابن حجر العسقلاني فقد قام بشيء لطيف اعتمد العدد الموجود في حديث التسعة والتسعين، واعتمد التي موجودة في القرآن ثم بحث هو بنفسه عن أسماء الله التي لم يذكرها هذا الحديث فزاد على ذلك من الأسماء سبعة وعشرين اسما حتى اكتمل له العدد ووصل إلى تسعة وتسعين اسما كلها من القرآن، وورد في الحديث: "من أحصاها دخل الجنة"(5) , ما معنى من أحصاها دخل الجنة؟ أحصاها أي أحصى ألفاظها ،وعدد تلك الألفاظ، وفهم معانيها، وما يدل عليه، ودعاء الله بها ثناءاً عليه سبحانه وتعالى.
- ولكن هل يمكن أن تحصر هذه الأسماء؟
أسماء الله لا حصر لها، أسماء الله تليق بجلال الله وعظمته سبحانه، وعظمته لا نستطيع أن نحيط بها فكيف يمكن أن تكون الأسماء الدالة عليها محدودة، وقد جاء في الحديث عند احمد وابن حبان والطبراني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دعائه: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك"(6) كلها تدل على أن هناك أسماء ليست في كتاب الله وليست في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بل هناك أسماء استأثر الله بعلمها، واختص بها من شاء من عباده سبحانه وتعالى .
- وهذه الأسماء هي اللائقة بالله جل وعلا، والتي ندعوه بها ،والتي جاء ذكرها في الكتاب أو في السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن هناك طائفة من الناس يميلون بهذه الأسماء عن حقيقتها، ويلحدون في أسماء الله جل وعلا، ولقد هدد الله هؤلاء الذي يلحدون في أسمائه وحذرنا أن نكون منهم فقال: ] وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[ [الأعراف :180].
- فما هو هذا الإلحاد في الأسماء؟
كفار قريش كانوا من أوائل الذين ألحدوا في أسماء الله، الألوهية جعلوها اللات، والعزيز جعلوه العزى، والمنان جعلوه مناة فهي ميل بأسماء الله جل وعلا عن أسمائه الصحيحة واليهود كذلك نسبوا إلى الله اسماء لا تليق به فقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء وقالوا: ] يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ [[ المائدة:64]. قاتلهم الله ] وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ[[ المائدة:64] فهذا من وصف الله، ومن الإلحاد في أسمائه جل وعلا، أما المؤمن فيتجنب هذه المنزلقات ويتقرب إلى ربه، ويناديه بأحب الأسماء إليه، وهي الأسماء الحسنى.
- وقد أمرنا الله أن نتقرب بها في دعائنا فإذا أردت أن تدعو الله فادعوه كما علمك الله ]وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا...[ [الأعراف:180] ادعوه بأسمائه ]قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [[الإسراء :110].
- وهناك اسم عظيم هو اسم الله الأعظم فقد جاء في الحديث عن عبد الله بن بريده عن أبيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: "اللهم إني أسألك بأني اشهد أنك أنت الله لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب"(7) وهذا الحديث إسناده صحيح وأخرجه أبو داود ،والترمذي، وابن أبي شيبة ،وابن حبان، والحاكم.
- وفي حديث لأبي أمامه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة و آل عمران و طه "(
قال بعض العلماء: فنظرت في هذه السور الثلاث فرأيت فيها شيئاً ليس في القرآن مثله. آية الكرسي ] اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ [ [ البقرة:255].
وفي آل عمران ]الم* اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[ [ ال عمران:1-2].
وفي طه ] وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً [[ طه:111].
- أما حديث أسماء بنت زيد، وقبل أن تتحدث عن حديث أسماء بنت زيد، فاستنتج من هذا أن اسم الله الأعظم يكون في قوله تعالى ] الحي القيوم[[ آل عمران:2].وان هذا هو اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب سبحانه وتعالى.
- لكن هناك حديث لأسماء بنت زيد قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ] وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [ [ البقرة :163].وفي فاتحة آل عمران ]الم* اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[[ آل عمران:1-2].
- قال العلماء هذا حديث ضعيف ،فهذه هي أسماء الله الحسنى.
- ولقد قام الإمام ابن حجر العسقلاني، وكما أشرت، وجمع هذه الأسماء واستنبطها من كتاب الله سبحانه وتعالى ... وابن حجر تحرى أن تكون مما هي موجود في كتاب الله سبحانه وتعالى.
- ورتبها وسردها كما سأسردها الآن، وذلك اجتهاد منه لكي تكون وسيلة لحفظها فقال: الأسماء الحسنى التي استنبطها من كتاب الله سواء التي وردت في بعض روايات حديث الترمذي أو ما استنبطها هو، هي كما يلي:-
الله – الرحمن – الرحيم- الملك- القدوس- السلام- المؤمن- المهيمن- العزيز-الجبار- المتكبر- الخلق-البارئ- المصور-الغفار- القهار- التواب- الوهاب-الخالق- الرزاق- الفتاح- العليم- الحليم-العظيم- الواسع- الحكيم- الحي – القيوم- السميع- البصير- اللطيف الخبير- العلي- الكبير- المحيط- القدير- المولى- النصير- الكريم- الرقيب- القريب- المجيب- الوكيل- الحبيب- الحفيظ- المقيت- الودود- المجيد- الوارث- الشهيد- الولي- الحميد- الحق- القوي- المتين-الغني- المالك-الشديد- القادر- المقتدر- القاهر- الكافي- الشاكر- المستعان- الفاطر-البديع- الغافر- الأول- الآخر- الظاهر- الباطن- الكفيل- الغالب- الحكيم- العالم- الرفيع- الحافظ- المنتقم- القائم- المحيي- الجامع- المليك- المتعالي- النور- الهادي- الغفور- الشكور- العفو- الرؤوف- الأكرم- الأعلى- البر- الحق- الرب- الإله- الواحد- الأحد- الصمد- الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
هذه هي الأسماء التي جمعها ابن حجر العسقلاني، وأوصلها إلى تسعة وتسعين مستنبطة من كتاب الله ليكون ذلك سبباً لدعاء الله ومناداة الله بها.
- ولكن الأهم من ذلك هو الإخلاص لله واللجوء إلى الله، والتعلق به سبحانه وتعالى، واختيار الأوقات المناسبة ،وعدم إشراك الله في الدعاء،كما يقع من بعض العوام ،ومن بعض الجهال فإن الله جل وعلا جعل الدعاء مخ العبادة، والإخلاص فيه هو الأهم، واللجوء إلى الله لابد أن يكون بإخلاص كامل قال تعالى: ] يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [[فاطر: 13-14]. سبحان ربي سبحان ربي سمى الدعاء لغير الله جل وعلا سماه شركاً قال تعالى] ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [[فاطر: 13-14]. يكفرون بشكركم .
أما إذا دعا من لا يسمع ومن لا يجيب ومن لا يملك شيئاً فلا شك انه يقع في ضلال بعيد.
فهذه هي أسماء الله الحسنى دلنا الله عليه، وعرفنا بها لنعرفه سبحانه، ولنعظمه ونسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، ومن الذين يحسنون التأدب مع الله جل وعلا .
والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،